للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قصة الفيتامين]

تجربة غذائية عرضية

في ربيع عام ١٩١٥ قبيل دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب الماضية ألقت الباخرة البرنس ولهلم الألمانية مرساها أمام الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية. وكانت تعمل هذه الباخرة قبل الحرب في خدمة المسافرين والنقل، فأصبحت بعده تؤدي واجبها في البحرية الألمانية كطراد تجاري وأجري تعديلها تبعاً لذلك فحولت ردهاتها وأبهاؤها إلى مستودعات للذخيرة والوقود ونصبت فوق ظهرها المدافع الضخمة

تغلبت البرنس ولهلم على الكثير من البواخر المعادية واستولت منها بحكم الغلبة على وافر من المواد الغذائية من دقيق وزبد وخبز جاف ولحوم وخضر جافة محفوظة. وبهذا أصبح الذين على ظهرها في سعة ومتعة غارقين فيما استولوا عليه من غذاء

ظهرت بعدئذ على رجالها حالة مرضية لم تكن منتظرة لمثلهم في هذه السعة والوفرة الغذائية، وطرأت على الكثير منهم أعراض مرضية غريبة كنوبات عصبية تصيب البعض، واضطرابات في القلب والتنفس، وتضخم في المفاصل عند البعض الآخر، ووقفت إصابتا كسر في العظام بلا شفاء يرجى رغم العناية والمحاولات التي بذلت في هذا السبيل. وذكرت صورة المرض هذه بالأقصوصة الشائعة حينذاك عن مرض البري بري الذي أصاب رجال المركب الشراعي الذين كان قوام غذائهم المواد المحفوظة. ولكن شتان بين وجهي الشبه في الحالتين ولا سيما أن رجال البرنس ولهلم يتمتعون بغذاء منوع وعلى حساب العدو هانئين بوافر من الدقيق والبسكويت والبطاطس والزبدة وأنواع الجبن حتى البن والشاي كان في متناولهم بلا حساب

ذهبت محاولات طبيب الباخرة وقائدها في علاج المرضى أدراج الرياح حتى امتلأت بهم عيادة الباخرة التي تحولت إلى مستشفى عائم في أمد وجيز. وعندما طوح المرض بمائة وعشرة من ملاحي الباخرة البالغ عددهم خمسمائة لم يجد طبيب الباخرة ولا قائدها بدا من اللجوء إلى أقرب ميناء محايد. وفي ١١ أبريل من نفس العام ألقت الباخرة مرساها أمام ميناء نيوبورت نيوز الأمريكي

سرى هذا المرض العجيب إلى الأوساط العلمية الأمريكية مسرى البرق وتقلب على ظهر

<<  <  ج:
ص:  >  >>