للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أحاديث التلاميذ المصريين]

يوم العودة إلى المدارس

(لكاتب كبير)

في أكثر البلاد الأوربية والأمريكية يكون (يوم العودة إلى المدارس) يوماً خفيف الظل، لطيف الروح، وهو عند تلاميذ تلك البلاد أجمل أيام العام الدراسي الجديد، ولكن ما سر الجمال في ذلك اليوم؟ أيكون في تنسم أرواح المدرسة من جديد، ولها في قلوب أكثر التلاميذ مكان؟ أيكون في تسلم الكتب الجديدة، ولها جاذبية يتشوق إليها عقلاء التلاميذ؟

لا هذا ولا ذاك، فهنالك عذوبة تفوق هذين المعنيين الكريمين، وهي عذوبة الأحاديث التي يتجاذبها التلاميذ، وهم يقصون أخبار الصيف وما وقع لهم فيه من نوادر وطرائف، وما شاهدوا فيه من غرائب وأعاجيب. . . إي ولله، فهنالك لذة طبيعية، هي لذة الحديث عما رأينا وسمعنا في أيام الراحة من متاعب الدروس، وهي لذة لم نذقها ولم يذقها أبناؤنا ولا تلاميذنا، ولن يلتفت إليها المربون المصريون إلا يوم يؤمنون بأنها تصنع في خلق الحيوية الذوقية والروحية ما تعجز عنه المدارس والمعاهد والكليات.

فماذا يقول التلاميذ المصريون بعضهم لبعض يوم يلتقون في مطلع العام الراسي الجديد؟ وما هي موضوعات الأحاديث التي يتجاذبونها في ذلك اليوم؟

الواقع يشهد بأننا لم نبذل جهداً قوياً أو ضعيفاً في تلوين البلاد المصرية؛ فلم ننشئ فيها غابات، ولم نلتفت إلى ما بها من بحيرات، ولم نحاول تشويق أبناءنا وتلاميذنا إلى درس ما فيها من نبات وحيوان، ولا فكر جماعة منا في إعداد المناهج لأيام الصيف، وهي في مصر أطيب الأيام، وإن تعرضت لوهج القيظ من حين إلى حين

الحق أننا لا نفكر في حقوق الأبناء والتلاميذ. . . وهل نفكر في أنفسنا حتى نفكر فيهم؟ إن عيشنا رتيب رتيب، وأكثرنا يقضي أيام الإجازة على النحو الذي يقضي به أوقات الفراغ في موسم الأعمال، فلا ينتقل من بلد إلى بلد، ولا يتيح لعينيه فرصة التطلع إلى منظر جديد، وكذلك نحبس أبناءنا في بيوتنا أيام الصيف. إلا أن نتلطف فنسمح لهم بالتجول في رحاب تلك البيوت، ثم تكون النتيجة أن يلقوا رفاقهم يوم افتتاح العام الدراسي وليس عندهم ما يتحدثون به غير المغامرات الصبيانية، وهي لا تخرج عن التغزل المزيف أو الصحيح

<<  <  ج:
ص:  >  >>