أنا أريد أن يلقى التلميذ رفاقه في مطلع الخريف وعنده أشياء يحدث بها أولئك الرفاق؛ كأن يقول إنه قضي أياما أو أسابيع في رحلات طريفة تعرف بها إلى بعض خصائص هذه البلاد، وكأن يقول إن (بحيرة قارون) لها تاريخ لم تظفر بمثله (بحيرة التمساح)، وكأن يقول إنه عجب من الأقدار التي فكرت منذ الأزل في تهيئة الوسائل لإقامة خزائن أسوان، وكأن يقول إنه عرف بالضبط مواطن اللولبيين، وكان لهم تاريخ في مناوشة قدماء المصريين، وكأن يقول إنه عرف المسجد الثاني، وهو المسجد الذي بني بعد المسجد الجامع بمدينة الفسطاط، وكأن يقول إنه عرف الموجب الذي قضى بأن تكون هناك منافسات ظاهرة أو خفية بين أهل الشمال وأهل الجنوب
أريد وأريد، ولكن المدرسين والآباء يصدونني عما أريد
فإن اعتذر الآباء بشواغلهم اليومية، فما أعذار المدرسين ولهم مواسم يرون بها مع تلاميذهم ما يشاءون، ولو كانت لهم عيون؟!
وهل لحاضرات المدرسين عيون وأكثرهم يقضي الإجازات في رحاب القهوات؟
وما قيمة المدرس الذي لا يجد ما يحدث به تلاميذه عن مشاهداته في أيام الصيف؟ ما قيمة العيون البليدة التي لا تتطلع إلى الجديد من مشاهد الوجود؟
ولكن ما الوجوب لإيذاء المدرسين بهذا الهجوم العنيف وهو عضو في الأسرة المصرية، وهي أسرة لا تفكر في إعداد ميزانية لأيام الإجازات؟
أيام العمل مرجعها إلى البيت، وأيام الراحة مرجعها إلى البيت، وأيام المرض مرجعها إلى البيت، ولو أبيح لهؤلاء أن يقبروا في بيوتهم لعدوا ذلك من دلائل التوفيق؟
فيا بني آدم، من أهل هذه البلاد، تذكروا إن المثل المصري يقول:(الحركة بركة) وتذكروا أن لأبنائكم منافع من التعرف إلى أقاليم النيل السعيد، إن كانت لكم غاية في تثقيف أولئك الأبناء؟
ماذا يقول المدرس لتلاميذه يوم العودة المدرسية،
وماذا يقول التلاميذ بعضهم لبعض في ذلك اليوم؟
ضرب حجاب الغفلة على أولئك وهؤلاء، فلن يجدوا غير الحديث عن صفارات الإنذار