للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حول وحدة الوجود فيما كتبه الأستاذ دريني خشبة]

للأستاذ معروف الرصافي

كتب الأستاذ دريني خشبة في العدد (٥٩١) من الرسالة مقالاً كرر فيه شتائمه السابقة لأهل وحدة الوجود عامة، وللرصافي خاصة، ونحن هنا لا نريد أن نقابل تلك الشتائم بمثلها، وإن كنا أقدر عليها من غيرنا، لأننا نكره النزال في حومة لا يخرج منها الغالب إلا وهو ألأم من المغلوب

يقول الأستاذ خشبة: (كيف تكون الكائنات مظاهر لهذا الإله العجيب الذي يقول أنصار وحدة الوجود إنه لا وجود إلا له. . . أما هذه المخلوقات فهي باطل - هي وهم. . . ولست أدري كيف يكون الرصافي وهماً وباطلاً. .) إلى آخر ما هنالك من أقاويل أرجف فيها

إن الأستاذ خشبة يتهم خصمه بنقيض اعتقاده، ويحمل كلامه على ضد مراده، ثم يؤاخذه على ذلك مؤاخذة إرذال وتشنيع، وهذا لعمر الله لم يعهد في تاريخ البحث والمناظرة لأحد قبل الأستاذ

أنا لا أشك في أن الأستاذ، لو قرأ في الصفحة ٢١ من رسائل التعليقات، ما نقلناه عن محيي الدين بن عربي كلامه حول ما جاء في الحديث النبوي (أصدق كلمة قالتها العرب، قول لبيد (ألا كل شيء ما خلا الله باطل) وما أوضحناه نحن وذكرناه هناك، لأحمر خجلاً من قوله إن هذه المخلوقات باطل، وإنها وهم

إن أهل وحدة الوجود، يعطون الكائنات وجوداً لا يدركه الفناء. لأنهم يرون وجودها ووجود الله واحداً. وهذا هو كل ما يريدون من قولهم بوحدة الوجود، فالوجود في رأيهم واحد لا اثنان، وهو الله ذو الوجود الكلي المطلق اللانهائي، وما هذه الكائنات عندهم، سوى مظاهر للوجود الكلي، وصور قائمة به، كالأمواج في البحر، فإن الموجود في البحر، واحد وهو الماء، وما الأمواج إلا مظهر من مظاهر الماء، وصور قائمة به، وليس للأمواج وجود غير وجود الماء، ولا ريب أن وجود الأمواج حق، لا وهم من الأوهام

والظاهر أن الذي حمل الأستاذ خشبة على جعله المخلوقات وهماً، هو قولهم: إنه لا وجود إلا لله، ولو افتكر الأستاذ جيداً، لأدرك إنه لا يلزم من ذلك أن تكون المخلوقات وهماً، ولنضرب له مثلاً أوضح من أمواج البحر: هرماً مبنياً من الثلج، فنسأل الأستاذ هل لهذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>