إني أميل إلى الرجال وأختصهم بمودتي، فوق ما أختصّ السيدات، لأني - بعد استثناء حالات فردية قليلة - أجد أنهم يمتازون عنهن بالحصافة وبعد مراد الفكر وصدق المنزعة. كما أنهم أرحب منهن صدوراً، وأبسط خليقة، وأسجح عطفاً، وأسرعها فيئة، وأقدر على رد عرام المنصب، واحتمال الإساءة.
وفي إمكانك أن تتشاجر مع رجل وتصارحه بما تراه فيه حقاً وتلمصه وتعوّج فمك عليه، وبعد مضي عشر دقائق تعودان إلى مألوفكما من المصافاة والموالاة. ولكنك لا تستطيع شيئاً من ذلك مع سيدة، لأنها تذكر على الدوام الملام الذي كافحتها به مرة، وقد يندمل جرحها منه ويلتئم في الظاهر، إلا أنه يلتحم على نغل ويلثرق على غبرة، ولأقل لمسة يزرف ويمجّ دما. ً
والرجل يقول ما يقصد ويتمسك به. أما المرأة فلا تعرف على الدوام ما تقصد، ولذلك لا تستطيع التزامه، أو التمسك به. فقد تقول الأم لطفلها الملحاح:(لا يا حبيبي يجب ألاّ تعتلي غارب تلك الأرجوحة المعلقة فيما بعد). ولكنها لا تجد مفراً من الانصياع له، والنزول على رغبته تحت ضغط تماديه في اللجاجة. فترافقه إلى الأرجوحة مرة أخرى. أما الأب فيقول:(أسمع! دعنا من هذه الأرجوحة وتعال بنا نعود إلى البيت)
وإنك لتعرف المسلك النهج الذي ترده، والمشرع الواضح الذي تقصده مع الرجل، ولكنك لا تعرف متوجهك مع المرأة، لأنها هي نفسها، لا تعرف لها متجهاً ظاهر المنار. وإنك لتجد في الرجل رفيقاً صالحاً، وصفياً ودوداً، وخديناً مخالصاً. . . وإذا كنت في حاجة إلى مناصحته، فإنك تلقى فيه مشيراً صادق الضمير، يتحرى لك وجوه النصح، وينصّب لك ما يهديك إلى عواقب أمرك، ويبصرك مواقع رشدك، ولا يشير عليك بما تعتقد أنه رأي الصواب الذي طوعته لك نفسك، وحدثتك بالإقدام على فعله. أما المرأة فتدلس عليك الرأي مجاراة لك، وإشباعاً لرغبتك في إنفاذه، وإغراء لعزيمتك باتباعه، ولا يخطر لها أن تشير عليك بما تعتقد أنه أحمد لك في العقبى، وألزم للحوط من أمورك. وقد ارتدي قبعة جديدة،