للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الولاة والعمال في عصر الرسول]

للأستاذ عواد مجيد الأعظمي

لقد بحثت في موضوع سابق معنى الولاية، وتطور مفهومها، وصيغتها الفقهية والنظرية، وقد ذكرت في نهاية الموضوع، أني سأتناول الناحية العملية والواقعية في سياسة الولاة والعمال في مختلف عصور التاريخ الإسلامي مبتدأ في عصر الرسول (ص).

لم تكن حكومة النبي (ص) حكومة دينية حسب، بل حكومة سياسية أيضاً (فقد كان (ص) يقود الجيوش، ويفصل في الخصومات ويجبي الأموال) (وأن النبي (ص) كان صاحب دولة سياسية، ورئيس حكومة كما كان رسول دعوة دينية وزعيم وحدة دنيوية) وبهذا كان رسول الله (ص) يجمع في يده بين السلطتين الدينية والدنيوية، (ولا شيء أصوب من جمع محمد (ص) لجميع السلطات المدنية والحربية والدينية في يد واحدة أيام كانت بلاد العرب مجزأة) وقد أكد الرسول (ص) على نظام الشورى في إدارة الأمة الإسلامية الذي جعله يعتمد على اختيار عمال وولاة صالحين يساعدونه في الإدارة (حيث كان يتخير عماله من صالحي أهله، وأولي دينه، وأولي عمله، ويختارهم على الأغلب من المنظور إليهم في العرب، ليوقروا في الصدور، ويكون لهم سلطان على المؤمنين وغيرهم، ويحسنون العمل فيها يتولون، وكان يستوفي الحساب على العمال ويحاسبهم على المستخرج والمصروف)

وقد كان لانتشار الإسلام وتوسعه أثره البين في اختيار الرسول (ص) عمالا وولاة ينوبون عنه، لإرسالهم إلى مختلف أنحاء الجزيرة العربية، وإناطة بعض الأعمال الدينية والمالية بهم. . فيروي المسعودي: (لقد تتابعت اليمن على الإسلام وقدمت على رسول الله (ص) فكتب لهم كتباً بإقرارهم على ما اسلموا عليه من أموالهم وأرضهم، ووجه إليهم عماله لتعريفهم شرائع الإسلام وقبض صدقاتهم وجزية من أقام على دين النصرانية والمجوسية واليهودية).

وإن حاجة حكومة الرسول (ص) إلى المال لإدارة شؤون الدولة الإسلامية اقتضى تعيين عمال يقومون بجبايتها: (وكان رسول الله (ص) قد ولى عمرو بن العاص على صدقات سعد، وعذرة، وجذام وجديس). . كما (وجه عامل البحرين العلاء الحضرمي ألف درهم إلى رسول الله (ص) وهو أول مال حمل إلى المدينة فصرف على الناس). (وكان (ص)

<<  <  ج:
ص:  >  >>