يولي حمل كل مدينة كبيرة بالحجاز واليمن، وكذلك على كل قبيلة كبيرة عاملا من قبله. . وكانت وظيفة هؤلاء العمال هي الإمامة في الصلاة وجمع الصدقات).
هذا إلى أن الرسول (ص) كان يعير انتباها خاصا للشؤون العسكرية، والقضائية، وكان يعتبرها جزءاً أساسيا من واجبات العمال. . (فقد كان للرسول (ص) نقباء كما كان له عرفاء أو رؤساء الجند). . (وجعل الرسول (ص) القضاء جزءاً من الولاية يقوم به الوالي) وإن استقل القضاء فيما بعد كما سترى في الفصول القادمة.
ومما مر - نرى أن اختيار الرسول (ص) للعمال والولاة؛ كان نتيجة حاجة الأمة الإسلامية في إدارة شؤون حياتها المتعددة - دينيا، واقتصاديا، وعسكريا، وقضائيا - ولكن الواضح أن الرسول (ص) لم يعط لهؤلاء العمال صفة سياسية في الأوقات التي كانت ينيبهم عنه في المدينة (فإن الرسول كان ينيب عنه قائدا يقود سرية من السرايا، أو ينيب عنه بالمدينة أحد أصحابه لإمامة الناس والصلاة). . (ولكن لم يكن لهؤلاء العمال صفة سياسية).
وقد فرض الرسول (ص) الرواتب لعماله. . (فقد فرض لعتاب بن أسيد الذي ولاه مكة درهما كل يوم. . فكان هذا الراتب أو لما وضع من الرواتب للعمال) وقد استمر ذلك إلى زمن عمر بن الخطاب حيث قدر الرواتب للعمال بعد تدوين الدواوين وتعيين أرزاق الجند، وأو ما فعل ذلك ما وجه عمار بن ياسر إلى الكوفة وولاه صلاتها وجيوشها فجعل له ٦٠٠ درهم في الشهر) (كما أجرى على عثمان خمسة دراهم كل يوم).
وكان الرسول (ص) يوصي عماله خيرا، بأتباع سياسة الحق والعدالة، فمما يروى عنه أن قال لمعاذ بن جبل:(إني أحب لك ما أحبه لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تتولين مال يتيم) وهناك أحاديث كثيرة تروى عن الرسول (ص) وجميعها توضح ما يجب على الولاة أتباعه من سياسة العدل والمساواة بين الرعية؛ فمن قوله (ص): (ما من يؤمر على عشرة إلا وهو يأتي يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه حتى يكون عمله هو الذي يطلقه ويوثقه).
وقد ورد في الحديث أن النبي (ص) قال: (يؤتى بالولاة يوم القيامة فيقول الله عز وجل أنتم كنتم دعاة خليقتي وخزنة ملكي في أرضي، ثم يقول لأحدهم لم ضربت عبادي فوق الحد الذي أمرت به، فيقول يا رب لأنهم عصوك وخالفوك؛ فيقول لا ينبغي أن يسبق غضبك غضبي، ثم يقول لأحدهم لم عاقب عبادي أقل من الحد الذي أمرت به، فيقول يا رب إني