الأمم الناهضة تقدر رحالها أحياء وأمواتا، فتعني بتراجمهم بعد وفاتهم، تسجلا لإعمالهم وحضا للأحياء على الإقتداء بهم في خدمة الأمة في شتى النواحي. بل دراسة تراجم كل أمة في كل عصر هي المرآة الصادقة في تحديد مركز تلك الأمة في ذلك العصر نهوضا وخمودا. ففي تراجم الرجال تتمثل حضارة الأمة وثقافتها وتقدمها وتأخرها. فهي إذا معيار صادق يرجو المخلصون في خدمة أمتهم إنصافها إياهم فيه، ويخشى المقصرون حكمها عليهم. فإذا لم يترجم لهؤلاء وأولئك ضاعت مواضع الأسوة الحسنة وسوء الأحدوثة من التاريخ، فيصبح المصلح والهدم على حد سواء.
وقد عني الأقدمون بالتراجم عناية أخرجت لنا هذه المعاجم التي يردها الباحثون. ويسرنا أن تتجه عناية الأدباء المعاصرين إلى التراجم فيقومون بما يجب على الأمة من تخليد تراجم رجالها.
ومنذ عهد المؤرخ الجبرتي ليس بين أيدي الباحثين مراجع تشفي غلة روح التراجم، حتى نهض الأستاذ زكي مجاهد بتأليف (الأعلام الشرقية) فقدم لنا فيه تراجم أعيان القرن الرابع عشر الهجري على اختلاف ديارهموأقطارهم وتنوع ثقافاتهم، متما لما قبله من كتب التراجم كحلية البشر في القرن الثاني عشر للمرادي، وخلاصة الأثر في القرن الحادي عشر للمحبي، والكواكب السائرة في المائة العاشرة للغزي، والضوء اللامع للقرن التاسع للسخاوي، والدرر الكامنة للمائة الثامنة لابن حجر، و. . . الخ ما ألف على القرون.
وقد قسم المؤلف معجمه هذا إلى طبقات؛ طبع منها وصدر: