للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحمامة الطريدة]

للأستاذ محمود الخفيف

في وحدة سامرت فيها الأسى ... طافت بي الذكرى فلم أهجع

شكوت لليل الضنى والجوى ... والوجد والسهد وهذا الدجى

زادت غواشي الهم أسدافه ... ودلت الوهم على مضجعي

في ليلة غارقة الأنجم ... ضل بها الفجر عن المطلع!

لكل ألوان الأسى تنتمي ... حلكتها من همي الأقتم

الذئب مقرور بها هاجع ... والجن لم تأنس إلى موضع

الليل جهم، صرصر ريحه ... صفيرها يزداد في مسمعي

أجش وحشيّ الصدى نوحه ... مرتعش من قره دوحه

أطل لا تبصر عيني سوى ... أشباحه في الأفق الأسفع

واعجبا ماذا أرى في ظلام ... والصرصر الهوجاء لم تقلع؟

يقظان إذ أبصر لا في منام ... ورقاء في سمعي منها بغام

قد أقبلت ملهوفة في الدجى ... على هدى المصباح في مخدعي

حطت على نافذتي خائفة ... ما دونها في الليل من مفزع

نازفة واحزنا راعفه ... بالغوث في أناتها هاتفه

كم ذا رنت صوبي في لهفة ... رف لها الخافق في أضلعي

وهنانة تلهث في زاويه ... كجاهد أفلت من مصرع

من جارح أحسبها ناجيه ... تخفيه عني الظلمة الغاشيه

وربما كان على خطوة ... لو لم ير المصباح لم يرجع

مددت بالماء يدي في وعاء ... فأجفلت من ذلك المشرع

تلهث لا تطلب غير الثواء ... تنكر تنكر ما أبدي لها من رثاء

مشبهتي في الوجد لا تنفري ... ما كنت يا ورقاء بالمدعي

أنت وما أوجع هذا الأنين ... حسي ما في خافقي الموجع

طريدة الظلمة، قلبي الحزين ... أبكاه هذا الحزن لو تعلمين

<<  <  ج:
ص:  >  >>