(السيطرة على الجو من مستلزمات الفريق المهاجم إذا أراد أن يوطد هجومه ويجعله ساحقاً ماحقاً. كما أنها من مستلزمات الفريق المدافع إذا أراد أن يجعل دفاعه فعلاً ناجحاً. ولكنها للفريق المهاجم ألزم وأشد نفعاً لأنه بدونها يتعرض لأشد الأخطار وأقساها من خصمه الذي يملك السيطرة على الجو. وقد تسنى للحلفاء أن يقهروا جيوش رومل لأنهم سيطروا على الجو كما أنهم الآن على وشك الهجوم أو كادوا. وفي هذا المقال أحاول أن أضع صورة للقتال الذي يجري بين القاذفات والمطاردات. من جهة، وبين القاذفات ومراكز الدفاع المضادة للطائرات من جهة أخرى، قبل أن تتم السيطرة على الجو لأحد الطرفين.)
كشاف أمريكي جديد
يعتمد قائد القاذفة بجانب قنابله على عامل المفاجأة وهو سلاح لا يقل فتكاً عن أي سلاح آخر فهو إذ يقطع الأفق بمعدل خمسة أميال في الدقيقة لا يترك لخصمه سوى أمد قصير يأخذ فيه عذره، ثم هو يتخذ من الليل والسحاب حجاباً دون رؤيته، فضلاً عن أنه ليس في الاستطاعة سماعه حتى بأشد أجهزة الإصغاء حساسية على بعد أثر من ثمانية أميال. كل ذلك لا يترك سوى أمد قصير للمطاردات لتقوم للقائه، وللمدافع المضادة لتتأهب له، وللمدنين ليلجئوا إلى المخابئ، كما أنه من الصعب - أو على الأقل كان دائماً من الصعب - على الأنوار الكاشفة أن تجده في الضباب أو السحاب، ولو كان فوق الرؤوس. غير أن هناك طرازاً جديداً من الكشافات يستعمله سلاح الإشارة في الجيش الأمريكي أحدث انقلاباً عظيماً في الأسلحة المضادة للطائرات. وتتراوح المساحة التي تقع في دائرة عمله بين ٥٠ و ٧٥ ميلاً. كما أنه لا يستطيع أن يكتشف الطائرة في حدود هذه المساحة فحسب؛ بل إنه يستطيع أن يحدد مكانها على ارتفاع بضع مئات من الأقدام. وعندئذ
- بفضله - يمكن أن تصوب المدافع المضادة حتى لتدرك قنابلها الطائرة المختفية في قلب الضباب الكثيف. ويشبه الكشاف الجديد جهاز الأنوار الباحثة؛ إلا أنه يرسل بدلاً من شعاع النور شعاعاً كثيفاً من أمواج الراديو، فإذا ما التقت هذه الأمواج بجسم صلب (الطائرة) ارتدت مسرعة من نفس الطريق الذي اتخذته في ذهابها إلى ذلك الجسم. وبقياس الزمن