(. . . إلى اللآنسة المهذبة (ا. م): يا فتاتي: إن العناية الإلهية
ترعانا، فدعيني أضع بين يديك هذه القطعة الجميلة الرائعة
التي تعبر - في بساطة مقدسة - عن تلك العناية الإلهية
الفائقة. . .)
ز. إ.
كانا جارَيْن، يعيش كل منهما مع زوجته وأبنائه الصغار، ولا همَّ له سوى توفير أسباب الحياة لأسرته.
وذات يوم، طافت برأس أحدهما خواطر مزعجة، فقلقتْ نفسه، واضطرب باله، وأخذ يفكر في نفسه قائلا:(ماذا يكون من أمر زوجتي وأبنائي، لو عَدَا عليَّ عادي الموت أو المرض؟).
وألحَّت عليه هذه الفكرة، فلم يجد للخلاص منها سبيلا. وهكذا أخذت الخواطر المزعجة تأكل قلبه، كما تأكل الدودةُ الثمرةَ التي تختبئ فيها.
أما الآخر، فقد طافت بذهنه هذه الفكرة نفسها، ولكنه لم يتوقف عندها، ولم يِعْرها أدنى اهتمام، بل قال في نفسه:(إن الله يعرف كل خلائقه، وهو يعتني بها جميعاً، فلابدَّ أنه سيعتني بي، أنا وزوجتي وأبنائي).
وهكذا عاش مطمئناً هانئاً، بينما رفيقه في حيرة وقلق واضطراب، ولم يستطع - لحظة واحدة - أن يستمتع بالراحة والهدوء
وذات يوم، كان صاحبنا يعمل في حقله، وقد ارتسمت على وجهه أمارات الحزن والكآبة، من فَرْط ما به من قلق وهَمّ، فرأى بعض العصافير، وهي تدخل إلى إحدى الشجيرات، ثم تخرج منها، ثم لا تلبث بعد قليل أن تعود إليها.