للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٥ - الفارابي في العالم الإسلامي وفي أوربا]

بمناسبة مرور ألف عام على وفاته

للأستاذ ضياء الدخيلي

ويحدثنا أبن خلكان عن أسلوب الفارابي في التأليف فيقول (وكان أكثر تصنيفه في الرقاع ولم يصنف في الكراريس إلا القليل؛ فلذلك جاءت أكثر تصانيفه فصولا وتعاليق، ويوجد بعضها ناقصا منثورا) ولعل هذا الذي ذكره أبن خلكان هو علة ما وجده صاحب (التمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية) من غموض واضطراب في بعض الأحايين

وهذا أندلسي من القرن السادس الهجري يثني على الفارابي ويفضله على أبن سينا والغزالي، فقد جاء في عيون الأنباء في ترجمة أبن باجة أن أبا الحسن عليا بن عبد العزيز بن الإمام من غرناطة وكان كاتبا فاضلا متميزا في العلوم وصحب أبن باجة مدة واشتغل عليه - إن أبا الحسن هذا قال في صدر المجموع الذي نقله من أقوال أبن باجة الفيلسوف الأندلسي - في العلوم الفلسفية - قال ويشبه أنه لم يكن بعد أبي نصر الفارابي مثله في الفنون التي تكلم عليها من تلك العلوم، فإنه إذا قرنت أقاويله بأقاويل أبن سينا والغزالي وهما اللذان فتح عليهما بعد أبي نصر بالمشرق في فهم تلك العلوم ودونا فيها - بان لك الرجحان في أقاويله وفي حسن فهمه لأقاويل أرسطو، والثلاثة أئمة بلا ريب

وكان أبن باجة السرقسطي من رجال القرن السادس الهجري وقد توفى شاباً بمدينة فاس ودفن بها، وكان من جملة تلاميذه أبن رشد. وذكروا في مؤلفات محمد بن باجة تعاليق على كتاب أبي نصر في الصناعة الذهنية (أي علم المنطق)

فها أنت ترى كيف أن شهرة الفارابي كانت قد طبقت العالم الإسلامي وعبرت البحر إلى الأندلس. وقد ذكر أبن أبي أصيبعة في عيون الأنباء في جملة مؤلفات أبي الوليد بن رشد كتابا فيما خالف فيه أبو نصر الفارابي أرسطوطاليس في كتاب البرهان من ترتيبه وقوانين البراهين والحدود

ومن مصر الطبيب أبن رضوان عام ٤٥٩هـ وكان في عهد الحاكم - تحدث عن كتب العارفين التي يشهد بفضلها ويعتز بها، فذكر كتب أفلاطون وأرسطوطاليس والإسكندر وثامطيوس ومحمد الفارابي، قال وما انتفع موجود به فيها وما سوى ذلك إما أبيعه بأي ثمن

<<  <  ج:
ص:  >  >>