رأته على رمال الهلسبنت يرتع ويلعب، فوقفت تملأ عينيها وقلبها بجماله، ثم نظرت إليه وهو يداعب البحر المضطرب، ويتواثب فوق عبابه الزاخر، فسحرها قوامه، وفتنتها قسماته، ونسيت أنها ربة الفجر الوردية الهيفاء، وأن من ذكران الآلهة من هو أكثر من هذا الشاب تيتون - بن بريام ملك طروادة - جمالاً وأشد فتنةً وأخلق بحب ربة جميلة لعوب مفتان، مثل أورورا. . . ولكن ماذا يصنع أهل هذا العالم في قلوبهم، ولا سلطان لأحدهم على فؤاده؟ يستوي في ذلك الأرباب وغير الأرباب
لقد كان تيتون يتقلب بين الموج، فتتقلب نفس أورورا في جحيم من الهوى، وتتلظى في سعير من الحب، وتنجذب نحو الفتى الجميل المفتول بكل ما فيها من نورانية وقداسة. . . وكان يبرز من الماء ليستجم على الشاطئ الناعم الوادع، فتكاد تجن به، وتود لو ترشف قطرات الماء التي تنحدر على جسمانه ذي العضل وتتلألأ في ثنايا شعره الأسود الفاحم
وطفقت توسوس لها نفسها المغرمة بالأماني! وتزخرف لها الأحلام، فصممت أن تتكشف له، وتتبرج على مقربة منه، وتدل وتميس، عسى أن تأسر لبه، وتسبئ قلبه، فيسلس قياده، وينخذل فؤاده، دون مشقة أو عناء. . . ولكن تيتون أبى، واستكبر قلبه أن يلين؛ ولم يستطع ذلك المرمر الناصع الذائب في ساقيها، ولا هذا الورد المتفتح في خديها، ولا الأبالسة الراقصة في عينيها وفوق ثدييها، أن ترقق من عناده، أو تنتصر على فؤاده، أو تسكب في نفسه صبابةً أو هوى