للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

من ذكريات الشباب

اجترار

للأستاذ حبيب الزحلاوي

- ٢ -

حكايتي أيها الأصدقاء تدور حول الأثر الذي تركته حوادث الجهاد الوطني في نفسي، لا حول أبلغ حادث حدث لي.

كنت أتوقع عندما عينت ضابطاً في الجيش أن ألقي مشاكسة من زملائي الفرنسيين، وتعالياً على الضبط (العربي) فوطدت النفس على التمسك بالكرامة مع السلاسة واللطف، نجحت بعض النجاح في السير على منهاجي، وكنت أفشل في قطع ألسنة أولئك الضباط عن القدح في قومي وسب (السوريين القذرين) ولاسيما حينما كانت تضمنا مائدة شراب، ولم يكن يند عنهم إلا ضابط من رتبتي كان يقف دائما في وجه أولئك القادحين فيصدهم عن المضي في طعن الأمة العربية إكراماً (لزميلينا الضابط الكيس والخلصاء الذين عرفناهم من السوريين) فكان أولئك الضباط الأجلاف ينحرفون عن الموضوع، ناسبين ذلك إلى ما يلاقون من الشعب من كراهية وبغض، وكان ذلك الضابط، نضر الله وجهه، يدافع عن حق السوريين وينعت حكام قومه بالطيش والهوج في مد حكمهم وبسط وأخبار رجال السياسة البعيدين عن مواطن الخطر، وأخبار إخواننا المهاجرين تصلنا منبئة بقيامها كلها متساندة متضافرة تعمل لجعل هذه الثورة هي الأخيرة للخلاص التام من الأجنبي المستعمر.

عملت ما في وسعي لأقنع الأجناد الوطنيين تحت إمرتي أن نهرب بسلاحنا وميرتنا للالتحاق بإخواننا المجاهدين لتحرير الوطن، وقبل انبلاج الصبح كانت دوابنا المثقلة بالأحمال على بضعة كيلو مترات من مرابط الثوار، والفضل في هربنا يعود إلى زملائي الضباط الفرنسيين الذي أثقل (الحشيش) أدمغتهم تلك الليلة.

في منتصف ليلة من الليالي، سرنا بطوائف منظمة من الثوار لنقطع الطريق على حملة من الفرنسيين جاءت لتطويقنا من ناحية الشمال، بلغنا الموقع الذي قدرت أن الواقعة ستقع فيه،

<<  <  ج:
ص:  >  >>