لو قال لنا أحد الذين يؤثرون جانب الجدل العقيم واللجاجة الممقوتة، ما بالكم قد ملأتم الدنيا ضجيجاً بتحدثكم عن الخيام ورباعياته؛ أنى لأتحداكم جميعاً. هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. إنني أنكر أن تكون للخيام رباعية واحدة لا رباعيات تبلغ الألف والمائتين عدداً، وارى كل ما تدعونه في هذا الخصوص ليس إلا محض وهم باطل لا يجاوز نطاق الحدس والتخمين، فالخيام لم يترك وراءه ديواناً بخط يده، ولم يشر إلى شعره في تآليفه العديدة، ولم يمل على أحد من تلامذته ما يسمى اليوم بالرباعيات، كما إن (جهار مقالة) اقدم سفر تاريخيي عثر عليه لمصنفه (نظامي عروضي سمر قندي) تلميذ الخيام المخلص لم يذكر ولا كلمة واحدة عن رباعيات أستاذه، برغم إنه زار قبره بعد وفاته ببضع سنوات فقط، وذكر أموراً في مؤلفه أقل أهمية وأضل شاناً بكثير من الرباعيات. .
إن جميع ما يدعى ويقال بهذا الصدد إن هو إلا أسطورة جيله وتفكير شعره بديع نسجها الوهم وزينها الخيال، فمنزلتها منزلة غيرها من الأساطير المصطنعة التي لم تقم لها قائمة إلا بعد إن مرت على موت الشاعر عدة قرون.
أجل! ماذا يكون جوابنا أن جابهنا هذا الجلي اللجوج يمثل هذا المنطق الساخر العابث، ثم ألح علينا في عناد وإصرار أن تثبت له إثباتاً لا يتطرق إليه أي شك ان للخيام رباعيات حقيقية ترضى عن نسبتها إليه أساليب التحقيق العلمي الدقيق في عصرنا الحديث هذا. .
في الحق إننا عاجزون تمام العجز عن أن نكيل لهذا المكابر الخبيث الصاع صاعين وعن توفيته حقه الكيل كيلين، وان نسخر منه بنفس الطريقة التي سخر بها هو منا، وان كنا نملك في الوقت نفسه ادله وبراهين لا تقبل الدحض، ونستطيع بعرضنا إياها عليه أن تجعله يخفف من غلوائه ويقلل من خيلائه ويرتد شيئاً فشيئاً إلى هدوء العقل واتزانه. .
فالثابت المؤكد حتى الآن - كما يدعي صاحبنا الجدلي - إن الخيام أهمل في حياته أن