للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يكتب سيرة نفسه بقلمه، أو إنه كتبها ولم تصل إلينا لامتداد يد الضياع اليها، أو إنها لم تضع ولكنها في جهة مجهولة لم تتناولها يد المحققين بعد، غير إنه ثابت ثبوتاً قاطعاً أيضا إن الخيام لم يكتب في الفارسية من الشعر سوى الرباعيات وحدها؛ أما هل جمع كل ما كتبه من هذه الرباعيات وضمنها بين دفتي كتاب خاص بنفسه، أو أملاها على أحد من طلابه؛ فذلك ما نحن منه في ظلام دامس حتى الآن، وأظن إن الأمر سيبقى كذلك إلى الأبد إلا إذا عثر على دليل مادي يقلب المسألة رأساً على عقب ويغير مجرى البحث تغييراً تاماً في يوم من الأيام. .

إن اقدم نسخة للرباعيات بين أيدينا اليوم وهي الموسومة بـ (رسالة الرباعيات) يرجع تاريخ كتابها إلى نحو ثلاثمائة عام تقريباً بعد موت الشاعر، وقد عثر عليها في مكتبة بولدين باكسفورد وتسمى بنسخة السر أوسلي، وهي نسخة منقولة عن غيرها من النسخ وليست أصلاً. أما من هو النساخ الذي نقلها؟ وعن آية نسخة نقلها؟ وهل أن الرباعيات الواردة فيها والبالغ عددها ١٥٨ رباعية؛ كلها للخيام ذاته أم أن هناك بنها الدخيلات؟ والمنحولات؟ ثم كم عدد أولئك في حالة افتراضنا اندساسها بين الرباعيات الأصيلة. . كل هذه أسئلة وعلامات تدور في أذهان الباحثين والمدققين منذ أن عرف الغرب شاعر الشرق ولكن بدون جدوى، وبغير أن يعثر لها على جواب شاف يقطع الشك باليقين والحيرة بالاطمئنان. .

على إننا رغم كل هذا يجب أن نعلم في الوقت نفسه إن المعلومات السلبية الآنفة الذكر تمليها علينا طبيعة المنطق المجرد فحسب، وان ثمة أموراً كثيرة نعلمها عن حياة هذا الشاعر وشخصيته وأخلاقه وبيئته وآثاره ومؤلفاته، كما أن هناك مؤلفين معروفين، وعلماء مشهورين، وفقهاء ومتصوفين ذائعي الصيت مرموقي المقام تنالوا عدد غير قليل من رباعيات الخيام في كتبهم ومصنفاتهم وهم معاصروه بالتعليقات المتنوعة، وناقشوها مناقشة فيها اللين والهوادة تارة، والعنف والقسوة تارة أخرى، فإذا جاز لنا أن نشكك في صحة إسناد كل الرباعيات المتداولة إلى الخيام فانه لا يجوز لنا إطلاقا أن نتشكك في صحة نسبة بعضها إليه على الأقل. . ذلك البعض الذي يمثل آراء وأخلاق وشخصية وظروف بيئة الخيام التي نعرفه والتي يمكن اعتبارها في عداد الحقائق التاريخية التي لا تقبل أي جدل

<<  <  ج:
ص:  >  >>