عرك الحسن البصري أزمات فكرية متعددة، فيقول عنه الأستاذ حلمي ضياء (إنه وافق القدريين، فغدا مثلهم قدرياً ورأى حرية الإرادة والاختيار، ثم عدل عن هؤلاء بعد نقاش وجدل طويلين، وشرع يتبع عبد الله بن عمر ويقفو أثره معارضاً الجبرية والقدرية معاً، فتكونت له شخصية متميزة خاصة به فأوجد مذهباً وسطاً بين المذهبين وسطاً ذلك هو مذهب الحرية الصوفية) إلا أن هذا الرأي ينبغي إلا يجرنا إلى القول بأنه لما عدل عن زمن القدريين معناه ترك مذهب الاختيار، لنه في الواقع ظل ينزع إلى المذهب نفسه ويفصح عنه بمناسبات عديدة، وذلك مما دعا المعتزلة أن يعتبروه منهم.
لم يبق من آثار الحسن البصري غير نصوص متفرقة في طيات الكتب، ورسائل تحملها كتب الاخرين، مع العلم إن مواعظه العامة كانت قد جمعها طلابه أيام حياته، ونشرت بعد وفاته من قبل حميد الطويل، وهو الأثر الذي تطرق إلى ذكره الجاحظ في عهده. كما نشرت من آثاره تعليقاته حول القرآن، ورتبت من قبل عمرو بن عبيد المعتزلي بشكل تفسير وان محاضراته المتعلقة بالأسس الأخلاقية في القرآن جمعت باسم (مسائل) جمعها صاحبه الأشعث الحمراني. أما محاضراته غير المدونة فقد رواها تلاميذه على شكل (روايات) تروى عنه.
كان الحسن ورعاً تقياً يعده الصوفية من أقطابهم ويتمثلون بحكمه وجمله، وإذا حللنا التصوف الإسلامي إلى عناصره التي تكون منها وجدنا الحسن خير مثال لعنصر الزهد والتقوى بصفتهما الإسلامية، كذلك إن جاز لنا أن نقول إن الصوفية الإسلامية اتخذت لها مدارس مختلفة في البلاد الإسلامية المختلفة كالبصرة وبغداد وخراسان وتركستان، فأصبح الحسن البصري دعامة مدرسة البصرة وداعية الزهد والتقوى فيها.