للأستاذ الدمرداش محمد. مدير ادارة السجلات والامتحانات بوزارة
المعارف
٣
لحظة رهيبة مرعبة، ولولا أن ملك الجماعة زمام عقولهم وتصرفوا
بما يستلزمه الموقف من بديهة حاضرة وهمة عالية، لسقط أحمد بك في
الهاوية، ولا أدري الآن، وقد توالت الحوادث بسرعة مدهشة، كيف
نسي الرفاق أن ينتشلوا زميلهم من ورطته، وعلى كل حال فقد انتهى
الحادث بسلام، وعاد الجماعة إلى ما كانوا فيه من مطاردة الأرانب،
وعند الظهر كانوا قد أنهكهم التعب وأضناهم الجوع، فملوا المطاردة
وقنعوا بما أصابوه في ذلك اليوم وكان شيئا كثيراً، فحثوا المطايا في
السير كي يصلوا وادي جندلي في الموعد المضروب.
وكانوا حينئذ يسيرون على ظهر ربوة عالية وعن يسارهم نحو الشمال، جبل اليحموم الأزرق بلونه القاتم، وعن يمينهم نحو الجنوب جبل أبو شامة بقمته العالية (٢٣٠٠) قدم وكانوا كلما توغلوا شرقا تغيرت معالم الجبال وزادت ارتفاعا، والأودية خضرة وعمقا، وقبل الأصيل اقبلوا على واد شديد الانخفاض كثير التعاريج كبير الشبه بوادي دجلة ونظروا من علٍ فابصروا الجمال ترعى في باطنه والاستعداد قائم حولها لتهيئة الطعام وإعداد مكان المبيت، فطابوا نفسا وقرُّوا عيناً.
يقع بئر جندلي على خمسين كيلو مترا من القاهرة على ارتفاع ٣٠٠ متر من سطح البحر، وقد قضينا بالقرب منه ليلتين ويوما وسط طبيعة نقية هادئة مشرقة في صحبة أصدقاء مخلصين حباهم الله الصحة والبشر وسلامة الطوية، حقيقة انها سويعات تعد من أسعد فترات الحياة واصفاها، وقد وافق اليومالثالث من رحلتنا أول أيام العيد، ففي الصباح صلينا ونحرنا غزالة ثم قضينا اليوم في الوادي نلعب ونضحك ونتسابق ونمرح ونمزح كأننا