[ملحمة السراب. . .!]
القسم الثاني
للدكتور إبراهيم ناجي
ما بقائي وأجمل العمر ولّى ... وانتظاري حتى يحين الشتاء
تعست حقبة تغير وجه ال ... كون فيها وحالتِ الأشياء
يطلع الفجر مرهَقاًُ شاحب النو ... رعليه الكلال والإعياء
وأرى الصبح في المشارق يحبو ... ما به نضرةٌ ولا لأَلاء
قد علا طلعةَ النهار شحوبٌ ... واصفرار واعتلّت الأضواء
وبنفسي دب المساء وحلْ اللي ... ل من قبل أن يحين المساء
عُدْتني كالربيع في موكب الزه ... ر له روعة وفيه رُواء
ولك الوجه أومض السحر فيه ... والتقي الحسن عنده والذكاء
وشحوب كَظل راحٍ وللنَّد ... مان تجلو شحوبها الصهباء
ولك الكرم ذو العناقيد رفّت ... وتهادت فروعه الملساء
ولك الجيد أتلعاً أودع الصا ... نع فيه من قدرة ما يشاء
قُدْ من مرمر وشعشعه الفج ... ر بورد وصُب فيه الضياء
ولك المقلة التي يشرئب السه ... م من لحظها ويغضي الحياء
ولك اللفظة التي تبعث الها ... مد حيَّا كأنها كهرباء
وأنا الطائر الذي تصطبي نف ... سي السموات والذّرا الشماء
راشني صائدٌ رماني فأدماني ... وولَّى الجاني وعاش الداء
كلما مرت الليالي يزيد الجرح ... غوراً والطعنة النجلاء
طُويتْ رحلتي وودعتُ أح ... لامي فنفسي من الأماني براء
كثرت حَيْرَتي وزادت تباريحي ... وشكي وما لحزني انتهاء
مرحباً بالهوى الكبير فإن يب ... ق وإن تسلمي بطب لنفسي البقاء
فهو القمة التي تهزم المو ... ت ولا يرتقي إليها الفناء
إبراهيم ناجي