للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قصة المكروب]

كيف كشفه رجاله

ترجمة الدكتور أحمد زكي وكيل كلية العلوم

صلة حديثه

وأخذت حياة بستور تصير إلى غير ما عهد العلماء من حياة قابعة قاسية. وأصبح يجري تجاربه ليجيب بها على ما قام حول نظريته الجرثومية من اعتراضات كثيرة، فكانت إجابات قوية مفحّمة رنّانة دوت أصداؤها في الجماهير، لأنها أجريت لتنقع غلّة الجماهير أكثر مما تنقع غلّة العلم الهادئ والبحث الرزين. ولكن على الرغم من استدراجه العلم إلى الأسواق وسحبه إلى غمار العامة، كانت تجاربه رائعة الصنع محذوفة الأجراء، وكانت كأقباس من نار مسّت خيالات الناس فألهبتها، وآمالهم فأحييتها وجلب على نفسه خصوماً صخابة أقامه بينه وبين رجلين فرنسيين طبيعيين يدعى أحدهما إتريكل دارت حول الخمائر والطريقة التي بها تحيل عصير العنب خمراً. فأقرّ (إفريمي) بأن الخمائر لا بد منها لهذه الإحالة، ولكنه أدّعى إن هذه الخمائر تنشأ من ذات نفسها في باطن العنب، وأقام في الأكاديمية يناقش هذه الدعاوى في جهالة فسخر أعضاؤها منه وضحكوا جميعاً، إلا بستور فكان من المحنقين

(إفريمي يقول إن هذه الخمائر تنشأ داخل العنب من ذات نفسها! إذن فلأصنع له تجربة تقطع لسانه). وأخذ بستور عدّة قوارير مستديرة، ووضع فيها شيئاً من عصير العنب، ثم مطّ رقابها ولواها كأعناق الإوز، ثم أغلاها دقائق وتركها أياماً ثم أسابيع، فلم تظهر في العصير فقاقيع، ولم يعله رغاء، ولم يختمر أصلاً؛ ثم ذهب إلى كرمه فقطف منها بضع عنبات بلغت النضج ولم تعده، وغسل ظاهرها بماء نقي بقلم من الشعر عقّمه بالتسخين قبلاً، وأخذ قطرات من ماء الغسول ونظرها تحت المجهر فوجد بها قليل من كريات الخمائر المعهودة. وعندئذ أخذ عشراً من تلك القبابات الملتوية الأعناق، وبمهارة فائقة لحم في جانبها أنبوبة مستقيمة طويلة، ومن هذه الأنبوبة أسقط قطرات من ماء الغسول ذي

<<  <  ج:
ص:  >  >>