قيض لي أن أزور توأمين ذكرين في العشرين من العمر متماثلين من جهة الصورة والأخلاق والوجدان والذكاء.
ومن طريف ما يذكر أن الأم تعرف أول من رأى منهما النور، وقد أخبرتني أن ولادتهما كانت يسيرة وأن الفرق بين عمريهما خمس دقائق.
مات أبوهما منذ بضع سنوات وقامت بأودهما أختهما التي تكبرهما بنحو خمس سنوات. وتحدب أمهما عليهما وتعاملهما على قدم المساواة. وقد علمت أنهما نشآ في بيئة واحدة وعاشا في ظل ظروف واحدة. وما زالا يتعلمان حرفة واحدة هي البرادة.
والعجيب أنهما يخطئان في نفس المسائل التي يطلب إليهما حلها. وقد اتفق أن رسب أحدهما في الامتحان لمرضه بينما نجح الآخر، ولعدم معرفة تميز أحدهما من الآخر في المدرسة أعيد امتحان الناجح منهما على اعتبار أنه الراسب فنجح للمرة الثانية في نفس السنة.
قالت لي أمهما: إنهما عندما كانا رضيعين كانا يستيقضان في نفس الوقت تقريباً أثناء الليل فترضعهما معاً.
ومما ذكرته لي أختهما: أن أحدهما حضر على عجل إلى المنزل فلم يجد أخاه فترك المنزل حالاً بحثاً عن أخيه، وفي هذه الأثناء حضر أخوه باحثاً عنه فلم يجده فترك المنزل على الفور، وتكرر هذا الأمر مرات عديدة إذ لم يملك أحدهما الصبر لينتظر أخاه ريثما يحضر.
وعلى الرغم من أن هذين التوأمين يحب أحدهما الآخر حباً جماً، فقد انتابت أحدهما نوبة هستيرية دلت على ما يخالج عقله الباطن من الغيرة الشديدة من أخيه. وفي هذه النوبة فقد قوة معرفته لأفراد العائلة، ولكن أول عمل قام به أثناء هذه النوبة ضربه أخاه ضرباً مبرحاً وهو لا يدري أنه أخوه، ولكن عقله الباطن كان بذلك بصيراً، على أن عقل أخيه الباطن لم يكن خالياً من هذه العقدة فكان لا بد لهذه العقدة من أن تعبر عن نفسها على الصورة التي عبرت بها عقدة الأخ المريض.
وقد أمكن بالتحليل النفسي شفاء المريض وإنقاذ الأخ من الاستسلام لنوبة هستيرية مماثلة.