للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

مذكراتي في نصف قرن

بقلم الأستاذ أحمد شفيق باشا

(في ٥٢٧ صفحة كبيرة - طبع مطبعة مصر)

لم يجتمع لكثير من رجال الدولة المصرية مثلما اجتمع لصاحب السعادة الأستاذ أحمد شفيق باشا من ظروف المشاهدة وفرص الدرس والاطلاع والتحقيق؛ فقد عاصر هذا الشيخ النابه النشط عدة عصور ومراحل من تاريخ مصر الحديث؛ وشهد الحياة المصرية منذ أواخر عصر إسماعيل، واتصل بالقصر وشئون الدولة العليا منذ حداثته؛ وشهد حوادث الثورة العرابية وتتبعها بدقة، وكان مرجع النفوذ والحول طوال أيام عباس. ولم يكن شفيق باشا يطوي هذه المراحل والعصور مشاهداً فقط، ولكنه كان يقرن المشاهدة بالدرس والتدوين؛ فكان يدون مذكراته تباعاً عن الحوادث والشئون الخطيرة التي كان تتري في هذه الحقبة من تاريخ مصر، ويدون إلى جانبها كثيراً من الملحوظات عن تطور الحياة المصرية الاجتماعية، ثم عن حياته الخاصة التي كانت صدى ومثالاً صادقاً لهذه الحياة.

وقد أخرج لنا الأستاذ شفيق باشا الجزء الأول من هذه المذكرات في مجلد ضخم؛ يتناول وصف الحوادث والحياة المصرية منذ أواخر عهد إسماعيل حتى عزله، ثم عهد توفيق والثورة العرابية وأسبابها ونتائجها حتى استقرار الاحتلال الإنكليزي. وهذا هو القسم التاريخي العام. ويتناول القسم الثاني منه حياة المؤلف الخاصة أثناء دراسته في باريس، ومشاهداته العامة في فرنسا ومختلف البلاد الأوربية التي زارها.

ولعله لم يصدر عن الحياة المصرية في أواخر القرن وصف أصدق ولا أمتع من ذلك الذي يتحفنا به شفيق باشا في مذكراته. فقد تقلب شفيق باشا منذ حداثته في مختلف البيئات والمجتمعات المصرية لهذا العهد، واتصل بالطبقات الاجتماعية الرفيعة اتصالاً وثيقاً؛ وشهد بعينه من صورها وألوانها الشيء الكثير؛ ووصف لنا جدها وهزلها ولهوها وسمرها وصفاً صادقاً شائقاً؛ ويجد مؤرخ الحضارة المصرية في هذا العصر في مذكرات شفيق باشا مادة نفيسة تؤيدها المشاهدة الصادقة. وهذه ناحية من الكتاب لها أهميتها وسحرها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>