للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة النقد]

الأعماق للخميسي

للأستاذ يوسف الحطاب

لا نريد أن نقول أن فن القصة القصيرة الذي ولدته ظروف معينة مرت بأوربا فن مستحدث في أدبنا ككل لون فني جاءنا ضمن ألوان الثقافة الغربية، ولكنا نريد أن نسجل ظاهرة غريبة هي أنه رغم الأزمة التي يعانيها هذا الفن هناك، فأنا نجده هنا يلقى انتعاشا كبيراً عند آبائنا الشيوخ والشبان على السواء. وليس لهذه الظاهرة من تعليل سوى أن هؤلاء الأدباء يمرون بالحالة التي ولدت هذا اللون من الفن بأوربا.

نسوق هذا الكلام بمناسبة كتاب (الأعماق) - آخر مجموعة من القصص القصير ظهرت لعبد الرحمن الخميسي وذلك حتى نتبين دوافعه إلى كتابة القصة وطريقته في كتابتها وأسلوبه فيها وتحقيقه لها.

وكل من يقرأ هذه المجموعة يدرك أنها سجل تجارب مؤلفها في الفن. فالقصة الأولى قصة شاعرة وتتلوها قصة مؤلف موسيقي وقصة ممثل. ولا أدري لماذا وقف الكاتب عند هذه الفنون ولم يتناول بقية الفنون الأخرى! أهو ارتباطها بالجو القصصي؟ أم أن المؤلف لا يريد إلا أن يصور التجارب التي مرت به والفنون التي عالجها؟.

ولعل مما يؤكد الرأي الأخير العنوان الذي اختاره لكتابه ليدل به على محاولته في الاستبطان والوقوف عند تصوير الحالات النفسية للشخصيات التي يعرضها. وسنناقش هذه المسألة بعد أن نقول إنه لا يقف عند رجال الفن ويترك سواهم من رجال المجتمع بل إنه ليتناولهم ومجتمعهم من خلال نظرته إلى الفن والفنانين.

أما الاستبطان فيحتاج إلى وقفة كبيرة يحسن أن نترك ضيحها للمؤلف الذي يرى أن القصة جولة نفسية لا تتحقق إلا إذا استحضر القصاص إلى خياله حالة شعورية لبطل القصة ينزلها إلى وجدانه ويديرها في أعصابه وذهنه. حتى لينقلب الكاتب إلى شخص آخر. . وأن عليه بعد أن يخرج من ذاته. أن يصبح شخصين. ولا يستطيع الناقد إلا أن يقف عند هذا التعريفلأن المؤلف ينقد نفسه ويحدد اتجاهه، وهو اتجاه طيب إذا نظرنا إلى سيل القصص الذي أخذت المكتبة العربية تغص به، لأن أصحابه لم يتحددوا بعد ولم يقفوا جدياً

<<  <  ج:
ص:  >  >>