- الدراسات الفقهية إلى عهد الشافعي. ب - أهل الرأي وأهل الحديث
جـ - الشافعي بين أهل الرأي وأهل الحديث وآثاره وكتبه
د - وضع الشافعي علم أصول الفقه
وكان أهل الحديث يعيبون أهل الرأي بأنهم يأخذون في دينهم بالظن، وأنهم ليسوا للسنة أنصاراً ولاهم فيها بمتثبتين، فان أصحاب أبي حنيفة يقدمون القياس الجلي على خبر الواحد وهم يقبلون المراسيل، والمجاهيل - أي الحديث المرسل الذي أسنده التابعي أو تابع التابعي إلى النبي خلى الله عليه وسلم من غير أن يذكر الصحابي الذي روى الحديث. أما المجاهيل فهم مجهولو الحال من الرواة -
ثم لا يقبلون الحديث الصحيح إذا كان مخالفاً للقياس، ولا يقبلونه في الواقعة التي تعم فيها البلوى: الرازي ص٢٥٠، ٢٥١
كانت الحال على ما ذكرنا حين جاء الشافعي، وقد تفقه الشافعي أول ما تفقه على أهل الحديث من علماء مكة، كمسلم بن خالد الزنجي، وسفيان بن عيينه، ثم ذهب إلى إمام أهل الحديث (مالك) ابن أنس في المدينة فلزمه، ولقي من عطفه ومن فضله ما جعله يحبه ويجله (عن يونس بن عبد الأعلى أنه سمع الشافعي يقول: (إذا ذكر العلماء فمالك النجم، وما أحد أمن علي من مالك بن أنس) الانتقاء ص٢٣
على أن نشأة الشافعي لم تكن من كل وجه نشأة أهل الحديث، ولا استعداده استعدادهم.
لقد توجه في أول أمره إلى درس اللغة والشعر والأدب وأخبار الناس، ولم يقطع صلته بهذه العلوم حين وصل حبله بأهل الحديث الذين كانوا لا يرونها من العلم النافع (حكي عن مصعب الزبيري قال: كان أبي والشافعي يتناشدان، فأتى الشافعي على شعر هذيل حفظاً وقال: لا تعلم بهذا أحداً من أهل الحديث فانهم لا يحتملون هذا، معجم الأدباء ص٣٨٠)