للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مشروع القرى]

الإصلاح الاجتماعي في مصر ونصيب طلبة الجامعة

والمدارس العالية منه

للأستاذ عبد الله أمين عضو مجلس إدارة المشروع

قد يخيل إلى المتعجل في الحكم على الأمور أن الشعب المصري قد خطا خطوات واسعات في سبيل التقدم والإصلاح إلاجتماعي، وذلك حين يرى ما في أمهات المدن المصرية لا سيما القاهرة الأم الكبرى، عروس الشرق، من مبان شاهقة فخمة، قد بنيت على أحدث مثال، وأثثت فأفخر الأثاث، ومن أزياء حديثة يختال في حللها القشيبة شبانها وشوابها، رجالها ونساؤها؛ ومن متاجر ودور للملاهي يُعرَض فيها من السلع والمناظر ما يُعرض في متاجر أوربا وملاهيها؛ ومن مصارف وبيوت مالية ومدارس ومستشفيات وأندية وإنزال، وغير ذلك من مظاهر المدنية الغربية الحديثة.

أما المتأمل البصير فلا يرى في شيء من هذه المظاهر دليلا على شيء ذي خطر من التقدم والإصلاح الاجتماعي في مصر، لأنها كلها مظاهر مستعارة من الغرب لا ترتكز في هذه البلاد على شيء من عناصر المدنية التي ترتكز عليها في الغرب، وهي العلوم والفنون والصناعات والذوق المصري والعادات والتقاليد والنظم الموروثة، ولذلك تعد في مصر مظاهر كاذبة. وقد تعاون على استعارتها ثلاث جماعات، هي: (١) النزلاء الأجانب (٢) الوطنيون المفتونون بهم، الناسجون على منوالهم، وما أكثر هؤلاء وهؤلاء في أمهات المدن المصرية، لا سيما مصر والإسكندرية (٣) والحكومات المصرية المتتابعة. وليس هؤلاء جميعاً هم الشعب المصري.

إنما الشعب المصري هو ملايين الفلاحين الكثيرة المقيمة في القرى المصرية. وإذاجردت أمهات المدن المصرية من مظاهر المدنية الكاذبة أصبحت كالقرى المصرية شبراً بشبر وذراعاً بذراع. وأي شيء في القرى المصرية لا يحتاج إلى إصلاح؟ أمظاهر المدنية أم العماد الذي لا تقوم إلا عليه وهو عناصر المدنية؟ أم أساس هذه العناصر؟

إن كل شيء في القرى المصرية بل في مصر كلها أم المدنية القديمة والحديثة ومطمع

<<  <  ج:
ص:  >  >>