يذكر القارئ أني كنت قد كتبت بحثاً في العدد ٤٢٤ من (الرسالة) أُخطّئ فيه ما شاع في أقلام الكتاب من استعمالهم (عَبْر) - مصدر عَبَرَه - ظرفا، مسايرين الترجمة الخاطئة للكلمة الإنجليزية
وقد سقت للتوضيح ثلاثة أمثلة مما تستعمله الصحف والمجلات كل يوم. وسأعرض هذه الأمثلة مرة ثانية، وأبسط الموضوع بسطاً، وأضمّنه مقتبسات من كلامي وكلام مُناظري مما يدور عليه البحث بيني وبينه؛ حتى يعيه من القراء من لم يكن تتبعه منذ البداءة - وهذه هي الأمثلة:
١ - ومن زمن قريب ادعت اليابان لنفسها حق مرور قواتها (عَبْرَ) شمال الهند الصينية
٢ - وسنواصل كل شهر قذف. . . بالقنابل الشديدة الانفجار، كما فرغت مصانعنا من إخراج طائراتنا الضخمة أو جاءت إلى هنا (عَبْرَ) الأطلنطي
٣ - لهذا وصلوا بين باكو وباطوم (عَبْرَ) القوقاز بأنابيب
فردّ عليّ الأستاذ الفاضل محمد محمود رضوان في العدد ٤٣٢ من (الرسالة) بأن هذه الكلمة قد جاءت في بيت لسواد بن قارب هو:
ثم قال: ومن ثم يرى الأستاذ الكبير أن الكلمة صحيحة كما يستعملها الكتاب على عهدنا
وقال: ولو أردنا تخريج الكلمة على وجه صحيح لوجدنا أكثر من وجه، خلافاً لما يقول الأستاذ:(وأقرب هذه الوجوه عندي أن تكون (عبْر) مصدراً مراداً به اسم الفاعل، فتكون حالاً مما قبلها)؛ ويكون التقدير:(مرور قواتها عابرة شمال الهند الخ)، (أو جاءت إلى هنا عابرة الأطلنطي)
فأنت ترى أنه في عبارته هذه قد أعرب في صراحة (عبر) حالاً فعقْبت عليه في العدد ٤٣٣ بأن المصدر لا يقع حالاً إلا إذا كان نكرة و (عبْر) في الأمثلة التي أتيت به - وفي غيرها مما تلوكه الصحف كل يوم - معرفة بالإضافة، فلا تصلح أن تكون حالاً؛ ثم جئت بعدة أمثلة مما يستشهد به النحويون لضرورة تنكير المصدر إذا وقع حالاً؛ وقلت أيضاً: إن