الكتاب هو سر العظمة الأوربية - ماضينا في صحبة الكتاب
- الأستاذ الههياوي - بين المدارس والكليات
الكتاب. . .
إن الكتاب هو سر العظمة الأوربية، فما تفوقت أوربا إلا بفضل الحرص على مسايرة الحيوات العقلية في الشرق والغرب، وما ارتفع رجل في أوربا إلا وهو مزود بأصدق وأجود ما صدر في العقول في القديم والحديث
ويستطيع من يعرف إحدى اللغات الأوربية أن يطلع على أشهر ما جادت به القرائح في أكثر البلاد، وهذه حقيقة يعرفها من عاش زمناً في مدينة مثل لندن أو باريس أو برلين
الحق أننا لم نفهم أوربا فهماً صحيحاً، ولم نعرف السر في حيويتها العارمة، ولم نلمح من خصائصها غير أطياف
إن أوربا مزودة بأزواد عقلية لا تخطر لأكثر الناس في بال، وقد نعرف غداً أو بعد غد أن المستر تشرشل لم تصرفه مكاره الحرب عن صلاته بالمكاتب ودور التجليد، وقد نعرف أنه لم يخرج من بلد إلا وفي يده كتاب، على كثرة ما زار من البلاد في أعوام الحرب
أوربا المحاربة لا تخيفني، فقد هزمناها في الحرب الصليبية، وإنما تخيفني أوربا المفكرة، أوربا التي تؤلف وتقرأ وتستفيد من كل وقت بلا استثناء وقت الحروب
هل تذكرون كلمة كارليل حين قال إن إنجلترا تفضل آثار شكسبير على أقطار الهند، لو أكرهتها الحوادث على الاكتفاء بأحد هذين المغنمين؟
تلك هي العقلية الأوربية، وذلك هو الفهم الذي يمتاز به أولئك الناس
ماضينا في صحبة الكتاب
لنا ماضي مجيد حفظه التاريخ، فقد سبقنا أوربا إلى تمدين الشرق والغرب، وخلف أجدادنا آثاراً عجز من محوها الزمان فكيف ظفروا بذلك الحظ من الخلود؟
الكتاب هو السر في عظمة أجدادنا، فقد كان فيهم من يحج بيت الله وهو يرمي إلى غاية