منذ أن أخذ رامي في نظم أغانيه للمطربة الآنسة أم كلثوم والثورة على أشدها في عالم الغناء المصري، بل عالم الغناء العربي كله. لقد كانت أغاني رامي حرباً بين القديم والجديد. انتهت بفوز الوجهة الجديدة التي وجه رامي أذواقنا إليها، وإن وجد كثيرون من عشاق المذهب القديم لا يزالون يحنون إليه ويؤثرونه على هذا التجديد الذي لا يروقهم
وأغاني رامي - من حيث اللغة نوعان. . . نوع ألتزم فيه اللغة الفصحى، واختار له الديباجة المشرقة الناعمة السهلة، والألفاظ العذبة الموسيقية التي لا تتضمن لفظة واحدة يصعب فهمها على الشخص العادي. . . ونوع التزم فيه العامية المصرية القاهرية الساحرة التي يفهمها العالم العربي كله، ويستعملها لحسن الحظ
وأغانيه - من حيث الكَيْف. . . أو من حيث الروح - نوعان كذلك: نوع نلمس فيه قلب رامي، ونحس فيه داءه القديم، وحزنه الممض المقيم؛ ومعظمه مما نظم للآنسة أم كلثوم. . . ونوع نلحظ فيه بيان رامي، وفنه، ومقدرته الكبيرة المأثورة على التلوين والتظليل والتخطيط، وإن لم نحس فيه نبضة واحدة من نبضات قلبه المحترق، ولا طرقةً مفردة من طرفات جفنه المؤرق، ومعظمه مما نظم لسائر المطربين غير الآنسة أم كلثوم، وسبب ذلك واضح معلوم، فقد كان صوت أم كلثوم الملهم الأكبر الذي أعاد إلى قلب رامي حياته الأولى:
حسبي من الشعر ومن نظمه ... صوتك يسري في مدى مسمعي
سلوى من الدنيا تعزّى بها ... قلب شديد الخفق في أضلعي
سمعته فأنساب في خاطري ... للشعر عين ثرّة المنبع
وما ذروة المجد التي امتد دَرْبها ... على حرّةٍ حَزن ووعر جبل
سوى روحنة الأشعار وشّع سَرْحها ... أفانين أفكاري وزهر خيالي
وأنت بهذا الروض بلبه الذي ... يرجّع في مغناه عذب مقالي
بعثتِ فنون الشعر فيّ فصغتُها ... وغنيتِها لحن الهوى فحلالي!