كان حكم محمد علي بداية تحول في تاريخ مصر الحديث. ففي عهده شرعت البلاد تأخذ بأسباب النهضة والتقدم، واتصلت بأوربا وطفقت تستفيد من علومها وثقافتها.
ثم مات محمد علي وخلفه عباس الأول (١٨٤٨ - ١٨٥٤) وفي عهده كادت تتلاشى بوادر النهضة التي خلفها جده الكبير.
ثم جاء سعيد (١٨٥٤ - ١٨٦٨) وكان يمتاز بحبه للمصريين وعطفه عليهم فأدخل بعض الإصلاحات الزراعية فلهجت الألسن بالثناء عليه، ووجه عناية خاصة بالجيش فرفع مستواه، وفرض التجنيد الإجباري على جميع أفراد الشعب، وفتح باب الترقي أمام أبناء الفلاحين، واهتم بتزويد الجند بأحدث الأسلحة التي عرفت في عصره، وشيد القلاع والحصون. وقد ظهر أثر ذلك في الشعر فأخذ الشعراء يمدحون سعيداً وينوهون بشجاعته وإقدامه، ويشيدون بجيوشه وأسلحته وبقلاعه وحصونه. فمن ذلك قول السيد علي أبي النصر:
هم جنود بل أسود بأسهم ... يتقيه كل جبار عنيد
أقسمت أسيافهم لو جردت ... يوم حرب لم تدع شخصاً يحيد
والرمان اللدن أو مت بالظبا ... نافذات في الترقي والوريد
كم لهم من بندق أبدى لنا ... معجزات إذ له لن الحديد
كم لهم من مدفع آياته ... بينات لفظها لفظ مفيد
كم توالوا فوق خيل ضمر ... سابقات للقضا فيما يريد
لو أتت يوماً على رغم العدى ... مرسلات غادرته كالحصيد