حضر الأصمعي يوماً مجلس الفضل بن الربيع وقبالته فرس مطهم. فقال الوزير لصاحب كتاب الخيل: قم يا أصمعي وأمسك كل عضو من أعضاء هذا الفرس وسمّه، فإذا سميتها أخذته. فقام وأمسك بناصية الفرس وجعل يسميه عضواً عضواً وينشد ما قالت العرب فيه إلى أن فرغ منه فأعطاه إياه. فهي يا نفس أن الجود والرق لم يُرفعا من الأرض، وأني دخلت يوماً على أمير من الأمراء البهاليل وبين يديه جارية من الغيد الحسان، ترفل في دِمَقس شِكوريل وسمعان، وقال لي هذا الأمير الأديب: إذا سميت ما على هذه الجارية من اللباس، ووصفت ما في هذه الدار من الأثاث، نزلت لك عن الجارية والدار، وزدتك عليهما ألف دينار! فماذا. ترينني يا نفس فاعلاً، وأنا الذي لا تعزب عنه مادة في اللغة، ولا قاعدة في النحو، ولا نكتة في البلاغة؟ ماذا أسمي هذا ٤ المائل على الفَوْد الأيسر، أو هذا الماثل على الجبين الأزهر؟ وماذا أقول المزرّر على الصدر المشرق، وهذا المُدَار تحت الثدي الناتئ، وهذا المرسل على الكشح الهضيم، وهذا المفصّل على القدم اللطيفة؟ أنا لا أعرف من غطاء الرأس إلا القناع والخمار، ولا من لباس الجسم غير الملاءة والإزار، ولا من وقاء الرجل غير الحذاء والنعل! فهل تنطبق هذه الأسماء، على هذه الأشياء. أم تكون دلالتها عليها كدلالة الأثاث والرياش على كل (موبليات) البيت، والورد والريحان على جميع أزهار الحديقة، والجهل والعُجمة على كل أدوات السيارة؟!
لا جرم أني سأعجز على أي حال، وسأطلب من رفعت باشا الجارية