أتينا في العدد الماضي على نتيجة المسابقات الأدبية التي احتفل مجمع فؤاد الأول للغة العربية بإعلانها في دار الجمعية الجغرافية الملكية، وقد حملنا التهيؤ للطبع على الاقتصار بذكر أسماء الفائزين وجوائزهم، ونذكر الآن أهم ما كان في هذا الحفل وخاصة تقديم الجوائز.
ألقى الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني كلمة عن الشعر قال فيها أن الشعراء الذين يظهرون في الأمم أكثرهم ينسون، لأن الشعر كسائر الفنون، لا يخلد فيه إلا الأعلون أو الذين يقول فيكتور هيجو أن حرارة نفوسهم تبلغ درجة الغليان التي ما فوقها درجة. وما أكثر من قالوا الشعر كل أمة وكل جيل من أجيالها، وما أقل من بقيت أسماؤهم مذكورة، لأن الأوساط لا يحصون وذاكرة الدنيا أضعف وأضيق من أن تعي غير الأفذاذ، والوسط كالرديء في ميزانها أو حسابها، كلاهما يسقط من الحساب أو يميل في الميزان.
ولقد تلقى مجمعنا في هذه المسابقة أكثر من ثلاثين ديواناً كلها من الوسط، فكان بين أمرين، لن يتشبث بالمثل الأعلى وذلك عزيز، أو أن يؤثر التشجيع وسبيله أهدى، فآثره، ونطر في الشعر الذي عرض عليه متسامحاً، واستخلص أربعة دواوين قسم الجوائز بين أصحابها، لتعذر المفاضلة الصريحة مع التقارب الشديد، ومن هذه الدواوين ما يجري على النهج القديم أو التقليدي، وما يؤثر نهجاً جديداً، وما يتبع القديم حيناً وينحرف عنه حيناً، ولكن فيها كلها اجتهاداً واضحاً وإخلاصاً بيناً، وثير مما تركت إجازته ليس دون هذه كثيراً، ولكنه كان لا بد من مقياس للمفاضلة، والمقياس هو وضوح الشاعرية وحسن الأداء ووفاؤه أو على الأقل سلامته من الشوائب.
وهكذا كاد الأستاذ المازني يخلع أصحابه من الشعر (مع الفارق بينه وبين أبي موسى الأشعري) كما خلع نفسه من قبل.
وقد قدم الأستاذ الشيخ عبد الوهاب خلاف الفائز في البحث الأدبي (مهيار الديلمي وشعره) فأفاض في الثناء عليه وفي بيان قيمة بحثه، ولم يأخذ عليه شيئاً. . ومما يذكر أنه لم يقدم في مسابقة البحوث الأدبية غير هذا البحث وبحث آخر في (البيئة الأدبية في المدينة أيام