هذا الخبر الذي جاء فيه أن معيداً في كلية الآداب، أعدّ أطروحة ينال بها لقب (دكتور) فلم يجد لها موضوعاً إلا (القصص في القرآن) ولم يجد ما يقوله عن القصص في القرآن، إلا أنه أساطير الأولين. . . وأنه كذب مفترى، وأنه مستمد من التوراة، ومن أدب فارس ويونان، وأن الأستاذين الأحمدين الفاضلين، حكما بردّ الأطروحة وإسقاطها، واختلفا في تعليل الحكم، فكانت العلة عند الأستاذ الأمين الجهل، وعند الأستاذ الشايب الكفر، وعندنا أنهما معاً، لأن هذا لا يجيء إلا من ذاك.
وفي الخبر أن الذي أشرف على إعداد الأطروحة، وأعان عليها، شيخ بعمامة بيضاء من أساتذة الكلية، وأن هذا الشيخ عزّ عليه إسقاط الأطروحة فغضب (والغضب لله وللحق من الفضائل) وقال: (إنه متضامن مع مقدم الرسالة في كل حرف منها، وأنه لا ينبغي الوقوف أمام حرية الفكر).
ولو انتهت القصة عند ردّ الأحمدين ولم يكن صاحب الأطروحة مدرساً، ولم يدخل نفسه فيها هذا الشيخ لينصر الكفر، ويدفع عن الإلحاد، ويؤيد الجهل، لقلنا شاب أراد أن يتعجل (الشهرة) قبل أوانها، ورأى طريق العلم والتحقيق طويلا، فسلك طريق جهنم وأراد اجتياز الصراط فسقط. . . وسكتنا، ومرّت الحادثة كما مرّت أحداث أمثالها وشرّ منها، ظنّ محدثوها أنهم هدموا الإسلام، ونسفوه نسفاً، وصرفوا الناس عنه صرفاً، والإسلام لم يشعر بها، ولم يحسّ بوقعها، ولم يزدد عليها إلا قوة وانتشاراً، ولكن دخول هذا الشيخ في المجادلة على صدق القرآن وكذبه وكون طالب الأطروحة موظفاً رسمياً، ومعيداً في الكلية، أمر لا يسكت عنه. . . وهذا الذي نقوله اليوم أول الغيث.
ومقالنا اليوم هو تذكير لهذا الشيخ بأنه ليس من أصحاب العقول الكبيرة، والبحث العلمي ليكفر إذا كفر عن بينة، وما به إلا أنه رأى أديباً زلّ من عشرين سنة، وأي أدي لا يزلّ؟ فقال كلاماً مثل هذا. . . فملأ اسمه الدنيا، وشغل الناس، فأحب أن يكون مثله، وشتان ما بين الرجلين. وإلا فهل ثبت له بعد البحث والتحقيق. . . أن قصص القرآن مأخوذ من التوراة ومن الأدب الفارسي واليوناني، وأن فيه أساطير لا أساس لها، وهل وقعت له