البال ورتب منقولة كما رتب، ولو روّأ في أمره لربأ بنفسه عن تسطير هذه الخريشات والتخاليط، فما ابتداءات أبي نؤاس؟ ما هي؟ وهل فضيلة المتنبي في تخلصاته؟ وهل مزية حبيب في مقاطعه؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله! إنا لله وإنا إليه راجعون!
ومثل تخليط اليازجي فيما نقل تخليط الخوارزمي في قوله الذي رويته قبل:(إن أمير القصيدة البائية البيت: أزورهم).
آمنا بالقصيدة وعبقريتها، وبوصف لظباء الفلاة فيها، وبسائر معانيها ولكنا لا نرى (أزورهم) أفضل أبياتها بل لا نراه يضارع الأبيات البارعات في القصيدة ولو تضاعفت تلك المقابلة التي لم تسلم من كلام النقدة، وقد كان ابن نباتة السعدي أبرع من غيره وأحذق حين قرأ هذا البيت:
إذا ما سرت في آثار قوم ... تخاذلت الجماجم والرقاب
فوقف عنده وأطال تأمله ثم قال:
(نحسن أن نقول ولكن مثل هذا لا نقول).
إن (السعدي لا يحفل بالخزعبيلات، بالترهات، بالبديعيات وابن نباتة هو صاحب البيت المشهور (ومن لم يمت بالسيف).
طولت في الجواب، ولم أجب، ولم أقدم ثمراً من غير (الثمار) وإذا لم أعلم - يا أخا العرب - فماذا أعمل. وأنا عائذ بالله وبالتي سماها السلف الصالح نصف العلم والسلام.