للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[جيل وجيل]

الحيوية الفكرية

للأستاذ محمود البشيسشي

تعدد المواهب والحيوية - الحيوية تحدد الاتجاه - جناية الحيوية على أربابها - إسحاق الموصلي - الحيوية الفكر التي تسبق الزمن وتقرر المستقبل - الشاعر البدوي عبد المطلب والرواية الشعرية تبعث إلى التأمل في أحوال المجتمع - حيوية الفكرة الدينية - حيوية الفكرة في الفنون.

نصل حوارنا اليوم في حيوية الفكرة ليكمل البحث، ويتم الغرض، ويستقيم المعنى، ويدرك الهدف. فليس أقبح من أن يجعل المرء بالحكم قبل استيفاء الحجة، ويبرم القضاء قبل امتحان الشهادة. وإن الاقتضاب في معالجة الأمور مدرجة الضلالة، والإسراع في الكشف عن منبهم الأسرار طريق العماية. . . وخير الباحثين من نهج سبيل التأني والاستقراء ليعقل ويفهم ويدرك تفاصيل ما يعالجه، وتراكيب ما يعرض له. . .

. . . قال ولدنا حسين: عرفنا من أسرار الحيوية الفكرية شيئاً وبقيت أشياء. فقد تتعدد المواهب وتكثر الاتجاهات للشخصية الواحدة؛ كأن يكون المرء شاعراً ضرب في الشاعرية بسهم وافر، وناثراً طلع في القدرة على بيان أفكاره مطالع عالية، وخطيباً بلغ من عبقرية الفصاحة الغاية التي تتقطع دونها الأعناق. . . ويكون له في مذهب من هذه المذاهب المتعددة المتباينة جودة واستواء، وموافقة وكمال، ورونق وعذوبة، واستيعاب وفهم.

فما كان الحيوية هنا؟ وهل تكون في كل ناحية على قدر معلوم؟ وهل لصاحبها القدرة على توجيهها والسيطرة عليها أو يكون موقفه منها موقف الأرض من الغيث. . . لا تستطيع إلا أن تنتظر وروده!

قلت: أما تعدد المواهب يا بني فأمر قد يكون إلى الفطرة أقرب منه إلى الاعتياد والدربة. على أن المواهب مهما تعددت ألوانها، وتشعبت مذاهبها، لا يمكن أن تكون في كل ناحية ومذهب على نسق واحد من القدرة، وفي قوة واحدة من الحيوية. . . ولا بد يا بني من تدفق الحيوية قوية عاتية في ناحية دون أخرى، وحينئذ يكون لها وحدها تقدير المصير،

<<  <  ج:
ص:  >  >>