صدر أخيراً قانون جديد للصحافة في فرنسا يرمي إلى وضع حد لذلك الإغراق التي انتهت إليه بعض الصحف المتطرفة في شأن الأنباء الكاذبة والمقالات القاذفة؛ وكان صدوره على أثر انتحار المسيو سالنجر وزير الداخلية الذي لبث مدى أشهر هدفاً لحملات بعض الصحف المتطرفة مثل (جرينجوار) و (لاكسيون فرانسيز)، فقد استمرت هذه الصحف تنشر عنه وعن ماضيه كثيراً من الأخبار والمطاعن المثيرة، وتطعن في وطنيته ونزاهته وإخلاصه لوطنه. ومع أن اللجنة الخاصة التي ألفت لبحث ماضي المسيو سالنجرو قد انتهت بتقرير بطلان هذه التهم جميعاً، ومع أن البرلمان ذاته قد انتهى بتبرئته وإعلان تقديره لوطنيته، فأن هذه الصحف القاذفة لم تنقطع عن مطاردته حتى سقط صريعاً في الميدان. فبادرت الحكومة باستصدار القانون الجديد، وهو يرمي إلى أغراض ثلاثة: الأول قمع الأخبار الكاذبة؛ والثاني منع المطاعن والحملات القاذفة؛ والثالث وضع رقابة فعلية على المصادر المالية للصحف، نظراً لما ثبت من أن كثيراً من الصحف تندفع بتأثير ما تتناوله من الإعانات المالية إلى إثارة الخصومات السياسية والمطاعن الشخصية دون اكتراث للنتائج والشخصيات. وبناء عليه يجب أن تقوم الصحف من الآن فصاعداً في شكل شركات مساهمة، وأن يعتبر مديروها كما يعتبر محرروها مسؤولين عما يظهر في الجريدة.
وقد كانت الحملات الصحفية القاذفة تعرقل كثيراً من أعمال الحكومات، وكانت الحكومات المختلفة تفكر في إصدار مثل هذا القانون منذ زمن طويل، ولكنها تتراجع دائماً، حتى جاءت الحكومة الاشتراكية ووقعت حادثة مسيو سالنجو. ومن الغريب أن تكون الحكومة الاشتراكية هي التي اضطلعت بإصدار مثل هذا القانون المقيد للحرية، ولكنها في الواقع أصدرته لحاجة ماسة. ذلك أن الإسراف في نشر الأنباء الكاذبة والحملات القاذفة قد وصل إلى حدود لا يمكن احتمالها، وكثرت الصحف القاذفة التي تعيش من الطعن في الأشخاص والجماعات؛ والقذف معاقب عليه في القانون الفرنسي دائماً، ولكن القانون الجديد يعتبر القذف واقعاً في جميع الأحوال إذا كان يمس الهيئات الرسمية أو الأشخاص الذين تشير