للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الخجول!!

للكاتبة الإنجليزيةكاثرين مانسفيلد

للأديب محمد فتحي عبد الوهاب

كان في الواقع شخصا خجولا بكل معاني الخجل، ولا يملك مطلقا ما يقوله عن نفسه. وياله من حمل! إذا كان في غرفتك فإنك لا تدري أين تذهب، ولكنه يظل جالسا حتى يخيل إليك أنك ستتفجر حتما صارخا، وتتحرق شوقا لقذف أي شيء وراءه، عندما يندفع أخيرا إلى الخارج.

وهو يسترعي اهتمامك عند أول نظرة. وقد تذهب إلى المقهى ذا مساء فتراه جالسا في ركن منها، قدح القهوة موضوعاً أمامه. أنه فتى أسمر البشر، رفيع القامة يرتدي صدرة صوفية زرقاء وسترة رمادية ذات أكمام قصيرة تظهره كصبي عازم على الهروب إلى البحر، صبي هارب فعلا وها هو ذا يقوم في لحظة وقد حمل على طرف عصاه منديله المعقود الذي يحوى رداء نومه وصورة والدته. . وها هو ذا يتعثر ليلاً على حافة الجسر الخشبي في طريقة إلى السفينة.

كان له شعر قصير، وعينان رماديتان بأهداب طويلة ووجنات بيض، وفم متجهم كأنه على وشك البكاء، وكيف تقاوم النساء غراءه؟ أن قلوبهن لتلتوي عندما ينظرون إليه. وكان خجله يزيد جاذبية حتى أن وجهه كن يتحول قرمزيا في كل مرة يقترب منه خادم المقهى، كأنه سجين هارب يعلم ذلك الخادم ماضيه.

وقالت إحدى السيدات (من هو يا عزيزتي. . أتعرفينه؟)

فقالت الأخرى! نعم أعرفه. أنه أيان فرنش، وهو رسام ماهر. أن أول من تعرفت به وهبته حنان المرأة وعنايتها. وكانت تسأله عن أهله، وما يكفيه من الأغطية على فراشه، وكمية اللين التي يشربها يوميا. ولكنها عندما ذهبت إلى داره لتلقى نظرة على جواربه، جعلت تطرق الباب دون مجيب، مع أنها تقسم أنها كانت تسمع تردد أنفاسه داخل الغرفة. ووقفت تنتظر وتنتظر. . . دون جدوى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>