[رسالة الشعر]
نكبة السيول
للسيد أحمد عبيد
(أيها الأخوان هلا عطفة=تجبر الكسر وتحيي من غبر)
هجع السامر وانقضّ السمرْ ... وتوارى البدرُ والنجم استسرّْ
وسجا الليل فما من نَبْسةٍ ... بفم الليل إذِ الليل اعتكر
وخلا الأفق سوى من ومضةٍ ... تتجلى فيه آناً وتمرّ
والكرى يبعث أضغاث الرُّؤى ... زاخراتٍ بتهاويل الصوَر
غَفَل الناسُ بها من كونهم ... والرزايا راصداتٌ والغِيَر
هجعوا والمُزنُ مرجوُّ الحَيا ... والغوادي حافلاتٌ بالدِّرَر
فإذا السحبُ رُكامٌ مطبقٌ ... عابسُ الطلعة مرهوبُ النظر
وإذا السيلُ أتيٌّ ماردٌ ... عَرِم الطغيانِ مشهودُ الضرر
غادر السهلَ كبحرٍ مُزْبِدٍ ... طَمَثَ الأمواج فيه فانفجر
قلّما مر على شئٍ ولم ... يَمْحُ من أعلامه كلًّ أثر
فأتى البنيانَ من آساسه ... وتعاطى كلَّ نفسٍ فعقر
لم يَئِلْ من شرّه نَبْتٌ ولم ... يَنْجُ منه حيوانٌ أو بشر
والردى يدهق في دَأْمائه ... كأسَ موتٍ وهلاكٍ ما أمرّْ
فترى الأَشلاء تطفو فوقه ... زاهقاتِ الأنفس الطهرِ الغُرَر
رب طفلٍ أبصر السيلَ ولم ... يقوَ أن ينجوَ منه أو يفرّْ
صاح يرجو نجدةً من أمه ... وأبيه وهما فيمن غمر
فعلا الجِذْعَ يُرَجِّي عنده ... نجوةً فانْبَتَّ فيه وانكسر
وفتاةٍ طَفلةٍ ناعمةٍ ... ذاتٍ دلٍّ وعفافٍ وخَفَر
عصف السيلُ بها فانهتكت ... وطواها في مطاويه القدر
وغِنّيٍ كان مرموقَ السَّنا ... حاشداً نَدْباً كريمَ المُعتْصَر
تركته النكبة الكبرى لَقىً ... يَنْشُد العيشَ ويبكي من قبر