من عبارات الدعاء والتشميت لجلب الخير وطرد الشر عند الإنجليز قول الواحد منهم (مس الخشب) أو (دق على الخشب) كما نقول نحن (بص وراك) كأن هذا المس أو هذا الدق يطرد الشيطان أو العفريت الذي يتحفز غير منظور وغير مشعور به لقطع الخير عن أهله. يراد به أن يكون كالبسملة عند المسلمين أو كذكر الصليب عند المسيحيين ضماناً لحسن البدء وحسن الختام.
وقد رأينا مقالاً لعالم إنجليزي بهذا العنوان حاول فيه تعليل هذا المس وتسلط الخرافات على الناس قال:
(كلما مر يوم رأى العالم وقد عراه الدهش انه لا يزال في القرن العشرين أناس يؤمنون بالسحر. أما أنا فلا أفهم قدرة الناس على أن تدهشهم هذه الحوادث التي تتكرر في مدة قصيرة).
ففي سنة١٩٢١ كان حديث القوم عندنا ذلك المنزل المسحور الذي كانت فيه قوى غير منظورة تبعثر الأثاث والرياش في جميع جوانبه، وفي سنة١٩٢٦ اتهم بعضهم بالسحر في محاكمة ملون، وفى سنة١٩٢٨ روع الناس بوقائع سحرية في ولاية بنسلفانيا الأمريكية.
هذا بعض من كل، وهم كلما سمعوا بحادثة من هذا النوع دهشوا لها أيما دهش وقالوا إنها مستحيلة، ومن التخرص والأحاديث الملفقة. ثم تراهم يدقون على الخشب ويحاذرون المرور تحت السلالم الخشبية ويلقون الملح من فوق أكتافهم إلى غير ذلك، هذا كله مع علمنا بان السحر خارج عن دائرة العقل والحقائق العلمية.
فان كان ذلك كله مستحيلاً وخارجاً عن دائرة العقل فكيف قوى على البقاء آلافاً من السنين، على حين أن خصوم السحر والسحرة جعلوا ديدنهم في كل زمان ومكان القبض على السحرة وحرقهم أينما وجدوهم. فهل هذا كله مناقض للعقل؟
كنا منذ مئة وخمسين سنة نقول إن طيران الإنسان مناقض للعقل، وكنا منذ عشرين سنة نقول أن من مناقضات العقل جلوس امرئ في منزله بلندن ينصت إلى عزف الموسيقى في برلين.
وقد علل بعضهم هذه الغرائب بقوله إنها من فئة الحقائق التي تخضع لناموس طبيعي