للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بنفونوتو، ولكنه أسلم الروح بين ذراعيه؛ وعرف بنفونوتو الرجل الذي طعن أخاه الطعنة القاضية، فسار إلى منزله ذات مساء، وكان الرجل يتنزه أمام داره، فطعنه بخنجره طعنة نجلاء خر لها صريعاً، وبذا انتقم لأخيه وشفى نفسه. وعاد إلى عمله كأن لم يحدث شيء. وكان القانون يومئذ صريع الجاه والهوى، فمن كان ذا جاه أو حماية استطاع أن يجري القصاص لنفسه وأن يستبيح دم خصومه

واستمر بنفونوتو حيناً يقوم بخدمة البابا، فأعاد صنع التحف الرسولية كما كانت قبل الحصار، وكلفه البابا بصنع تحف أخرى، فوضع رسومها ونماذجها، وكان البابا دائماً فارغ الصبر يستحثه على السرعة، وبنفونوتو لا يدخر وسعاً في العمل، وأصابه ذات يوم مرض في عينيه، وعاقه عن العمل حيناً، فغضب البابا واعتقد البابا انه يتقاعد عن إتمامه قصداً، وكان ثمة بعض رجال البطانة ممن يحقدون على بنفونوتو، ويستكثرون عليه هذه الرعاية، يدسون دائماً حقه ويلتمسون الفرص لإحفاظ البابا عليه بحجة انه مقصر في أعمال قداسته وانه كثير الحب للمال لا يقنع أبداً بما يدفع إليه من الأجور والهبات، وأنه كثير الادعاء والغرور؛ فأثمرت هذه السعاية ثمرها، وطلب البابا من بنفونوتو ما لديه من تحفه، فامتنع من بنفونوتو من تسليمها بحجة أنها لم تتم وانه لم يقبض أجرها، فقبض عليه بأمر البابا، وأخذت التحف قسراً عنه، ثم أطلق سراحه؛ بيد أنه كان قد فقد عطف البابا. فحاول أن يجد يومئذ عزائه في الحب وكان قد تعرف بسيدة صقلية ذات ابنة حسناء، هام بحب الابنة، واعتزم أن يختطفها ويفر بها إلىفلورنس.

ولكن الأم شعرت بمشروعه، فسافرت مع أبنتها خلسة إلى صقلية؛ ولجأ بنفونوتو إلى ساحر في رومه ليعاونه على الاجتماع بحبيبته، ولبث أياماً يحضر الجلسات السحرية خارج رومه؛ ولكنه لم يفز طبعاً ببغيته. ثم نسى غرامه، ووجد عزاءه مرة أخرى في فنه وفي التماس صنعبعض الحلي والتحف النادرة التي تدلل على أنه أستاذ عصره، وانه لا يجارى في ابتكاره وبراعته.

(للبحث بقية)

محمد عبد الله عنان المحامي

<<  <  ج:
ص:  >  >>