للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من لندن:]

معركة العروبة في فلسطين

أهدافها ووسائلها

للأستاذ إبراهيم زكي أباظه

قد لا يصل هذا العدد من الرسالة إلى أيدي القراء إلا بعد انتهاء الانتداب البريطاني المشئوم على فلسطين، ودخول الجيوش العربية إليها وسحق الأخطبوط الصهيوني الذي يبث الويل والدمار حيثما سار وحل. . . وفي حمأة هذه الحوادث وهذا الاختلاط في الوضع، تطيش رؤوس وتضيع حقائق هي أجدر ألا تغيب عن أنظار الباحث الحكيم والمخطط البعيد النظر. . . إذ بينما يسير انتباه العالم بكامله الآن نحو الطرفين الرئيسيين في القضية وهما العرب واليهود ليرى نتيجة صراعهما، نجد من النادر وجود امرئ يحدد مسئولية بريطانيا ويفيها حقها من اللوم على ما يجري في البلاد المقدسة من سفك دماء وتدمير. . .

إن كل عليم بتطورات القضية الفلسطينية ليدرك تمام الإدراك أن بريطانيا هي الجانية الأولى والأخيرة في كل ما وقع وسيقع؛ وإنه لمما يؤلم ضمير كل محب للعدالة، أن يجد في بريطانيا اليوم ممثلة لأعظم مهزلة، بل وإنه ليجد في سلوكها وتصرفاتها الحاضرة كل ما هو تدنيس للحقيقة وتدليس لحرمة التاريخ وقداسته ذلك أنها بعد أن خلقت المشاكل بمناصرتها للوطن القومي اليهودي وباستخدامها الحراب لحمايته ووضع أسسه، تجدها الآن وقد وقفت تندب حظها في أن العرب واليهود يصبون عليها اللوم والعقاب بلا مبرر على حد رأَيها، بل وإنك لتراها تتباكى بسبب ما نزل بأبنائها من قتل وشنق وهي في ذلك كله تتخذ موقف البريء المجني عليه، والنبيل العادل الذي افُترِى عليه. . . ولسان حالها يقول كالشيطان الذي قال بعد أن حبب الكفر إلى قلوب العباد. إني بريء مما تشركون. . إن العالم والتاريخ والعدالة لتخط اليوم لبريطانيا صفحة مذلة وعار وخزي بتمثيل هذا الدور الشائن والذي لم يقتصر على الادعاء بالبراءة بل تعداه إلى ترك بلاد مقدسة طوال الثلاثين عاماً الماضية تحت رحمة صهيونية آثمة، تتسلح علنا ولا من محتج، وتستعد للحرب

<<  <  ج:
ص:  >  >>