للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

إلى الأستاذ علي الطنطاوي:

أعجبت كل الإعجاب بمقالك (حكمة القدر) فهو فلسفة صائبة في تفسير معنى القدر الذي تحير فيه الناس منذ القديم إلى اليوم؛ فهو تحفة أدبية لولا بقعة سوداء فيه طمست الحق والحقيقة جميعاً، وهي حكاية الطفلة (الحلوة) التي وقعت من الطبقة السادسة فنزلت إلى الأرض سليمة.

إن مخترع هذه الأكذوبة الفظيعة، ظن أن استعارة حبال الغسيل المتعاقبة في طبقة بعد طبقة لكي تتلقف الطفلة وهي هابطة إلى أن وقعت أخيراً على كومة رمل سليمة - تجوز على كل الناس على السواء.

دلني على بناية ذات طبقة سادسة في شارع عريض يكون في كل طبقة منها حبال غسيل فوق الشارع على مرأى من السابلة. وإن كانت فيجب أن تثب الطفلة إليها وثباً أو تقذف إليها قذفاً عمداً لكي تتلقاها الحبال لأن الحبال بعيدة عن الجدار. وإلا فإن وقعت وقوعاً تقع بين الحبال والجدار ولا يعيق هبوطها عائق. . حتى لو كانت الحبال شباكاً فلا تضبطها، وإن ضبطتها الشبكة الأولى فلا تسقط إلى الثانية؛ وإن اخترقت الأولى إلى الثانية تخترق الشباك الست، وأخيراً تقع على كومة الرمل عجينة مختلطة.

فهذه الحكاية أكذوبة، وإن لم تكن أكذوبة؛ تكن أعجوبة. والأعجوبة والقدر لا يجتمعان.

ولا بدع أن تكون أعجوبة إذا كان مخترعها قد أبطل فعل الجاذبية نصف دقيقة لكي تصل الطفلة إلى الأرض من غير زخم كما وقف يشوع بن نون (في التوراة) الشمس نصف ساعة لكي تنتهي المعركة بانتصار شعب الله المختار.

يا صاحبي في حوادث الزمن ألوف تريك حكمة القدر. فلماذا بنيت مقالك على أكذوبة الطفلة، ثم تدع الناس السذج يتناقلونها وهم يستشهدون على صدقها بالأستاذ علي الطنطاوي.

نقولا الحداد

أبو سفيان بن الحارث لا أبو سفيان بن حرب:

<<  <  ج:
ص:  >  >>