للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الإسماعيلية الملقبون بالحشاشين]

مقدمة

هذا بحث موجز لطائفة الإسماعيلية التي عرفت أخيرا عند أهل التاريخ بطائفة الحشاشين، والتي تركت في تاريخ الإسلام في القرن الرابع الهجري أثرا كبيراً، وتاريخ الإسماعيلية قديم يرجع إلى عام ثمانمائة وأربعين للميلاد، بعد ان أنتشر الدين الإسلامي وساد كثيراً من الأقاليم والبلاد، فقام بانتشاره دعاة في أقاصي الجهات وأدانيها يحاولون الحط من قدر الرسول، ويخترعون الأحاديث الملفقة اختراعا يقلل من هيبة الدين الإسلامي، وينزل به من مستواه الرفيع، وكان انشط أولئك القوم وأكثرهم تحمسا (ابن ديصان) ويقال انه الجد الأعلى لعبد الله المهدي الفاطمي صاحب الدعوة بأفريقية، فقد كان يكره بني العباس ويود لخلافتهم الزوال، فبث دعاته في بلا د الفرس حوالي عام٨٤٠ م حيث تبعه خلق كثير، وألف كتابا في الزندقة سماه (الميزان) وألف ممن تبعوه عصابة سرية نسبتنفسها إلى إسماعيل بن جعفر الصادق فسميت بالإسماعيلية، ثم انتشر اتباعه بمرور الزمن في جزيرة العرب والشام وأفريقية، وظلوا نحو قرنين ونصف قرن، تسري تعاليمهم في جسم الدولة الإسلامية كسريان السم في العروق، حتى جعل منهم الحسن (ابن الصباح) أخيراً عام تسعين وألف للميلاد طغمة سياسة تقلب الممالك وتخرب العامر من الديار، وتسفك الحرام من الدم، وتعمل في مختلف البلدان سلبا ونهباً وقتلاً، وتدمن تعاطي الحشيش حتى لقبوهم بالحشاشين وسماهم الفرنجة وأطلقوا هذا الاسم على كل قاتل سفاك، وبقوا على تلك الحال حتى قضي عليهم عام ١٢٥٦م، أي سنة ٦٥٤ هـ بوفاة خليفة الحسن ابن الصباح الأخير ركن الدين بن محمد، ولا يزال للإسماعيلية إلى يومنا هذا اتباع ومريدون، ولكن شتان بين مالهم الآن وما كان لهم في تلك القرون الغابرة من قوة وسلطان، وهم متفرقون في فارس والهند، وزعيمهم آغا خان الهندي الثري المعروف.

وقد كان لتلك الطائفة عدا اسم الإسماعيلية أسماء أخرى فسموا بالقرامطة نسبة إلى قرمط إحدى قرى البحرين التي تفشى فيها مذهب ابن ديصان في القرن الثالث الهجري بدعوة من رجل يقال له حمدان قرمط، يقول ابن خلدون (وكان من هؤلاء الإسماعيلية القرامطة واستقرت لهم دولة بالبحرين، وكان من أسمائهم (الباطنية) وذلك لأنهم كانوا يبطنون

<<  <  ج:
ص:  >  >>