للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مدى الثقة في هيئة الأمم المتحدة]

(تتمة ما نشر في العدد الماضي)

وقامت الكتلة الشرقية بدورها بتطبيق مبادئ الميثاق خير تطبيق حين عرضت مسألة مصر وذكرت الكتلة الغربية بقولها السابق في مسألة إيران والذي يبدو أنها نسيته. ولعل القارئ يتساءل: لم عارضت الكتلة الغربية مطالب مصر مع وضوحها واتفاقها مع نصوص الميثاق. والجواب عن ذلك هو الخشية من ترك فراغ في مصر قد يمتد إليه النفوذ الروسي الزاحف إلى البحر الأبيض المتوسط.

وفي سبيل ذلكيضحي بالميثاق وترفض مطالب مصر العادلة. . وهذا أمر مؤسف حقاً يذكرنا تماماً بما كان يسود القرن التاسع عشر من سياسة توازن القوى ومناطق النفوذ. . . تلك السياسة الخرقاء التي سببت الحروب المتتالية والتي يخيل إلينا أنها ستكون سبباً لحرب ذرية في المستقبل.

ويمكننا ملاحظة الظاهرة المتقدمة في مسألة إندونيسيا، فقد صرح أحد السياسيين من الكتلة الغربية بأن السب في معارضة أمريكا وإنجلترا لمطالب إندونيسيا هو الخوف من تفشي روح القومية إذا المعتقد أن سكان المستعمرات - إذا ما استقلوا - لا يستطيعون دفع تيار الشيوعية وحدهم.

وكذا الأمر في مسألة اليونان. فالمعروف أن الكتلتين تتصارعان هناك بشكل واضح سافر. والإضرار والمشاكل التي تنتج من هذا التنافس يقع عبؤها كله على كاهل الأمة اليونانية المسكينة التي راحت تتمزق وتأكل بعضها بينما غيرها يتميز ليبتلعها. والعلاج في نظرنا هو أن تترك هذه الأمة مرة لا تعبث بها واحدة من الكتلتين ويقيننا أنها ستلم ما تبعثر منها، وتنهض فتضمد جراحها وتزيل ما كان على بصرها من غشاوة مصطنعة ثم تمضي حرة لتقرر مصيرها بنفسها. ثم إن المرء ليتساءل عن مصير معاهدات الصلح، فالحرب قد وضعت أوزارها منذ زمن طويل والصلح لم يعقد بعد: أليس هذا مما يرثي له؟ إن العجب في هذه الأعجوبة يزول حتما إذا ما أرجعنا العلة إلى هذا التنازع البغيض بين الكتلتين فحكومات الدول المهزومة لابد أن تكون على شكل معين حتى ترضي كلا من الطرفين ومستحيل أن يكون أساس كل من النظامين جد مختلف عن الآخر ثم يتفقان على أمر

<<  <  ج:
ص:  >  >>