للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ترجمة وتحليل:]

الغروب!. .

لشاعر الحب والجمال لامرتين

بقلم الأستاذ صبحي إبراهيم الصالح

استلقى الشاعر على الرمال والريح بليل، فما كان أمامه إلا البحر الغضوب والشطُّ الجميل، ولا كان فوقه إلا السماء تسعى فيها إلى المغرب شمس الأصيل. . وراح يتأمل هذا البحر الهائج المضطرب تصطخب أمواجه وتتلاطم، وتعلو رءوسها وتهبط، وترغى أشداقها وتزبد، فخيل إليه أنه أمام قدر تغلي مياهها فتعلو أزبادها، وأن من تحت البحر ناراً تسجره، كما يكون تحت القدر مرجل تسعره؛ فاستشعر حلاوة هذا التأمل واستغرق فيه، فما أفاق على نفسه إلا وقد هدأ البحر بعد اضطرابه، وسكن موجه بعد اصطخابه، فقد خبت ناره فما تسجره، كما يخبو مرجل القدر فلا يسعره؛ ونهض الشاعر يريد العودة إلى منزله فما راعه إلا منظر جديد يتقلب تحت بصره. فلقد هب البحر هبة واحدة، ثم سحب من الشاطئ موجه الدافق المتلاحق، كما تسحب الغانية عن الأرض ذيول ردائها الفاتن، وأقبل والموج في استرخاء، على سرير سابح في الفضاء، ينشدان طيب المنام، بعد يوم شديد الخصام!

وكان حقاً للامرتين أن يظل مستلقياً على الرمال ليشهد هذا المنظر الجذاب، فيسجله بهذه الأبيات:

١ - (هدأ البحر كقِدر علا زَبَدُه،

ثم ذهب جُفاءً لما خبا موقده. . .

وهبَّ يسحب من الشاطئ موجه المتدافع،

كأنه يريد المنام في سريره الواسع!)

وفي الأفق البعيد، فوق هذا البحر الذي أخذته سِنة من النوم، وبين الغمام المخيم على البحر، كانت (ذكاء) تمشي على استحياء، وتهوي في خَفَر من سحاب إلى سحاب، وتُمدّ في تردد ظلها على الأمواج، فكان ظلا مرتعشاً مرتاباً، يطفو على وجه البحر تارة ويختفي بين

<<  <  ج:
ص:  >  >>