للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة العلم]

أرقام تتحدث

وتنبئنا عن قصة الإلكترون

للدكتور محمد محمود غالي

- ١ -

لم يتطرق إلى ذهني أي وهن يمنعني عن متابعة الكتابة لقارئ (الرسالة) الذي وعدته المرة بعد المرة بأني منبئه بقصة الوجود، مطلعه قدر المستطاع على حلقة التفكير الإنساني في أحدث صوره، مستعرض أمامه مبلغ ما وصل إليه من السمو، مطلعه على الطفرة التي بلغتها العلوم الطبيعية والذروة التي ارتقى إليها العلم التجريبي محدثه في الأسباب التي دعت العلماء إلى الأخذ بفكرة معينة والإعراض عن أخرى. ولكن تطرق إلى جسمي نوع من الوصب ظننته بادئ الأمر وصباً دائماً، وحل بهذا التركيب الجسماني مرض عاقني عن الكتابة شهراً، أختل خلاله توازن الجسم ووصل الاختلال إلى العينين، فغير المرض فيهما معامل الانكسار ومنعني هذا عن المطالعة وأبعدني عن الكتابة. ولم تكن مقالاتي بالتي أستطيع أن أمليها على أحد، فأستطيع الاستمرار في الكتابة، إنما من الضروري مراجعة بعض المصنفات والاطلاع على بعض الجداول، نتاج البحث التجريبي وعماد الفلسفة الحديثة. وكان من اللازم تصفح عدد من النشرات العلمية لأستطيع أن أكون للقارئ هيكل موضوعاتي وأحدد معه مجمل مقصدي

وهكذا شاءت الظروف أن أحتجب عن الكتابة على غير إرادتي، وأبتعد عن القراءة على غير رغبتي، ولكن الاختلال أخذ طريقه في الزوال، والمرض بدأ يتضاءل، والعينين بدأتا عملهما كسابق عهدي بهما، فكان أول همي أن أتصل بالقارئ وأول أغراضي أن أتم له حديثي وليكن ذلك من حيث انتهينا آخر مرة. حدثنا القارئ عن الإلكترون الوحدة المكونة للكهرباء، هذه الشخصية التي هي أصغر ما نعرف في المادة يعتبرها فريق من العلماء جسيما ضئيلاً ويعتبرها البعض الآخر اتحاداً بين جسيم صغير وموجة مستصحبة لها. ووصفنا التجارب الشهيرة التي قام بها مليكان في خريف سنة ١٩٠٩ التي استطاع بها أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>