للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإيمان الذي يستقيه منهم وبإيمانه الذي يهديه إليه الله. . . ذلك الكمال أو جانباً مما كانوا ينشدون. . . وحين وصف القرآن الشعراء بهذا الوصف الذي لا شك أن فيه كثيراً من التعبير كان الإسلام في حاجة إلى الذين يبذلون الأرواح والأجسام في تقويمه وتثبيته، ولم يكن في حاجة إلى من يقول شيئاً، لأن الله عندئذ كان هو الذي يقول. . .

- أذن فليسوا الآن ضالين. . .

- ولم يكونوا يوماً ضالين ما استوحوا الحق فنونهم، وإنما كان على أنوارهم أن تسجد لنور الله حين تجلى الله بنوره على محمد سيد العالمين. . .

- ولكن دفاعك هذا كله عنهم لا يزال عاجزاً عن رفع إيمانهم منزلة على الإيمان الشفوي كما أقول. . .

- أعوذ بالله منك ومن اللوغاريتمات. . . إن لإيمانهم هذا المظهر الشفوي الذي تقولين عنه لأن تعبيرهم عن هذا الإيمان يكون بالكلام، أو ما يشبه الكلام، ولكن إيمانهم نفسه ليس كلاماً ولا شيئاً يشبه الكلام. وإنما هو إحساس وفهم وإدراك وتمييز واهتداء إلى الحق. هم يشعرون بأنفسهم، ويشعرون بما يحيط بهم، ويشعرون بالحق في بعض هذا، وبالشذوذ عن الحق في بعضه، وهم يشعرون بالحق واتباعه خير من الشذوذ، فيرجوا أن يحدث هذا الحق، ويتصورون أنه قد حدث فعله لأنهم يستطيعون بعقولهم أن يرتبوا النتائج على المقدمات، ومتى اهتدوا إلى علاج للعيب الذي يرونه فإن أنفسهم تخيل إليهم أن هذا العلاج قد تم بالفعل وأن الخلائق قد صلحت بعد ذلك واتبعت قوانين الحياة الصحيحة. . . وهم يصفون هذا كله بفنونهم: يصفون رجاءهم، ويصفون علاجهم، ويصفون آثار هذا العلاج ويصفون قبل هذا وذاك الأشياء التي يرونها على ما هي عليه بما فيها من خير وما فيها من شر. . . ولوا أنهم عدلوا عن هذا الوصف إلى الإصلاح باليد لما قلت عنهم أن إيمانهم شفوي، وإنما الذي يسحبك إلى هذا المغالطة هو المظهر الشفوي لإيمانهم. وحرام عليك هذه القسوة

- ولكن من الفنانين عابثين، وإن منهم داعرين. . .

- ليس هؤلاء فنانين، وإنما هم حيوانات يتفننون.

عزيز أحمد فهمي

<<  <  ج:
ص:  >  >>