للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فلسطينيات):

الأب جريجوري. . .!

للأستاذ نجاتي صدقي

(كلارا هاينز) فتاة يهودية ألمانية في الثلاثين من عمرها. . .

نشأت وترعرعت في (ليبزيغ) من أعمال ألمانيا. ولما بلغت الثامنة عشرة، أحبت (ريشارد كراوز) أحد زملائها في مدرسة ليبزيغ الثانوية، فعقدا النية على الزواج رغم مسيحيته ويهوديتها. غير أن هتلر استولى على الحكم - فجأة، فانضم ريشارد إلى الشباب الهتلري، وفرت كلارا إلى فلسطين.

وبينما كانت كلارا ذات مساء في زيارة صديقة لها في القدس، تعرفت إلى قسيس روسي في الخامسة والخمسين من عمره يدعى (جريجوري فون فيخت) وينتمي إلى عائلة روسية ألمانية أرستوقراطية كان قبل سنة ١٩١٧ ضابطاً في الجيش الروسي، ثم فر إلى فرنسا، واشتغل في جريدة (الترانسيجان)؛ وإذ حلت أزمة سنة ١٩٢٥ في فرنسا، رحل جريجوري إلى فلسطين، واندمج في الكنيسة الروسية الأرثوذكسية، بمثابة قس. . . وكان رجلاً متعلماً ذكياً، يجيد اللغات الروسية، والألمانية، والفرنسية، والإنجليزية.

ودعي الأب جريجوري مرة لكي يلقي محاضرة خاصة في حلقة أصدقاء كلارا وصديقاتها فلبى الدعوة، وكان موضوعه (ديستوفيسكي) واتجاهاته الدينية، فأجاد فيها وأفاد، وبرهن على أن ديستوفيسكي رجل صوفي يؤمن بان الله هو المثل الأعلى للفن، وان روحه تكمن في الحب، والجمال، والعظمة، والعبقرية وفي كل شيء بديع. . . وإن الناس - في حبهم للفنون إنما يحبون روح الله المتجسمة في كل جزء من أجزائه. . .

طربت (كلارا) لهذه المحاضرة. وأعجبت بالمحاضر، وأمطرته أسئلة كثيرة مستفسرة مستفهمة. . . وعند الوداع سألته إذا كان يقبل إعطاءها دروساً باللغة الإنجليزية في بيته، فرحب الأب جريجوري بهذه الرغبة، ووعدها ألا يتقاضى منها أجراً، لأنه رجل زاهد في الحياة، لا تهمه المادة ما دامت الكنيسة تعني بمسكنه وقوته. . .!

وهكذا أخذت كلارا تتردد على بيت الأب جريجوري في القدس فقرأت عليه الدرس الأول والثاني بالإنجليزية، وكانت في هذين الدرسين تكتفي بجلب كتابها ودفترها، وأما الدرس

<<  <  ج:
ص:  >  >>