للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكميت بن زيد]

شاعر العصر المرواني

للأستاذ عبد المتعال الصعيدي

تشيعه

يقوم التشيع على أساس اعتقاد انحصار الخلافة عن النبي صلى الله عليه وسلم في علي وقرابته من بني هاشم، وهو بعد هذا ذو درجات مختلفة في العلو والاعتدال، فيصل في الغلو إلى حد تكفير الصحابة الذين حالوا بين علي والوصول إلى حقه في الخلافة ويصل في الاعتدال إلى حد الرضا عن الشيخين أبي بكر وعمر دون غيرهما ممن حكم بعدهما

وكان الكميت أول من ناظر في التشيع مجاهراً بذلك، وقد قال الجاحظ ما فتح للشيعة الحجاج إلا الكميت بقوله:

فأن هي لم تصلح لحيٍّ سواهمُ ... فأن ذوي القربى أحق وأوجب

يقولون لم يورث ولولا تراثهُ ... لقد شركت فيها بكيل وأرحب

وهو يرد في هذا على من يقول في هذا على من يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث كما يورث غيره، فيقول إنه لولا تراثه وأن آل بيته أحق بالخلافة لأنهم ورثته لكانت لتينك القبيلتين وغيرهما من القبائل العربية نصيب في الخلافة، وكان الناس كلهم سواء فيها

ولكن الكميت لم يكن يعلو في تشيعه إلى الحد من تكفير أصحاب رسول الله، وكان يتورع في شعره عن لعنهم وإن كانوا مخطئين في نظره، وهو إنصاف من الكميت لم يكن يعميه عنه خصومة الرأي. ويظهر أن الإنصاف كان طبعا له مع كل مخالفيه في الرأي، وقد ذكرنا ما كان بينه وبين الطرماح ابن حكيم من المودة والألفة، وكان الطرماح من شعراء الخوارج. ويجب أن نستثنى بني مروان من هذا الاعتدال في خصومته، لأنه كان يغالي في خصومتهم كغيره من الشيعة، ولعل السبب في ذلك أن خصومتهم كانت هي القائمة في عهد الكميت، أما خصومة غيرهم فكانت خصومة قديمة لا معنى لاحيائها والغلو فيها. وقد أفرط بنو مروان في خصومتهم لبني هاشم، فأفرط الكميت في خصومتهم كما أفرطوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>