[طائري المهاجر]
في قفار الفلاة كان مسيري ... والشمس ترسل نارا
// لفحات كأنها من سعير ... زادت أواري أوارا
// ليس فيها سوى رمال كثيب ... من فوقهن رمال
لا غدير ولا جناب رطيب ... تحنو عليه الظلال
متعباً يائساً آويت لكهف ... مالت عليه الصخور
وتراميت بين جهد وخوف ... تضيق منه الصدور
غير أني أبصرت طيرا جميلا ... ما راعه أن رآني
لونه كالسماء، أحلى هديلا ... من مطربات الأغاني
قلت يا طير: إن قلبي وجيع ... فغنني واشف قلبي
أنا في هذا القفار مضيع ... فكن عزائي وطبي
فدنا عند ذاك مني وغنى ... والسحر في نغماته
وأتى فوق راحتي مطمئنا=يفتر عن بسماته
وغدا طائري أنيس حياتي ... في وحشة الصحراء
وألفت البقاء وسط فلاتي ... حتى نسيت شقائي
فكأن الرمال أضحت غياضا ... تجري بها الأنهار
وكأن الصخور صارت رياضا ... تزينها الأزهار
غير أني. أواه! أبصرت يوما ... طيري على غير عهدي
فتوددت في خشوع فأومأ ... عليّ عبوس وصد
وتوسلت ضارعا بودادي ... وما تضمن قلبي
وجرى الدمع من دماء فؤادي ... ولست اعرف ذنبي
بم ناديت حسب نفسي شقائي ... وما ترى من بكائي
إنني لا أعيش إلا رجاء ... فلا تضيع رجائي
فلوى رأسه الجميل مجيبا ... في قسوة وجفاء
قال: ما تبتغي؟ كفانا نحيبا ... أف لهذا البكاء!
أنا طير ولي جناحا فدعني ... أطير نحو السماء