(القس الماكر الذي مالق الكنيسة والسلطات وهو يحتقرها جميعا لكي يعيش ولكي يعمل في سكون؛ الذي ناضل نضال الجند بغير أهبة الجند وعدة الجند؛ الذي أثبت من مرق اللحم أن المكروبات ككل الأحياء لا بد لها من آباء؛ الذي أهدى للعلم مثانته الوبيئة، ذلك الأثر الوحيد الذي بقي للناس إلى اليوم من هذا الرجل الكبير الخالد)
وجرت مكاتبات كثيرة بين اسبلنزانى وبين الكثير من بحاث أوروبا وشكاكيها. وجرت صداقة بالبريد بينه وبين فلتير ذلك الماكر الخبيث، وشكا له في كتبه أن إيطاليا ليس بها إلاأفذاذ قليلون من الرجال ذوي العقول الراجحة، وشكا له الطقس والرطوبة والضباب. ودار الزمن فإذا اسبلنزانى يتزعم تلك العصابة الرعناء من الفلاسفة والعلماء الذين طلبوا الحق صادقين وأرادوا للناس السعادة والعدل مخلصين، فإذا بهم يمهدون غير قاصدين لفتن هوجاء، تلطخ بها وجه الأرض بأغزر الدماء
واعتقد هؤلاء العلماء أن اسبلنزانى قضى كل القضاء على تلك الفرية التي افتراها الخصماء حيث قالوا إن الحياة قد تنبعث من لا شيء، وأخذ هؤلاء العلماء، وفي طليعتهم (فلتير)، يقهقهون بالنكات النادرة، ويتندرون بالفكاهات المستملحة، على القوة النباتية وعلى (بيفون) الفخم الطنان، وعلى صبي معمله الأدب (نيدم)
وبينا هم على هذا، صاح نيدم: (ولكن هذه القوة النباتية موجودة يا قوم. إنها شيء مستسر خفي. حقاً إنها لا ترى ولا توزن، ولكن بسببها تخرج الحياة من مرق اللحم ونقيع الحب، وقد تخرج بواسطتها من لا شيء. من الجائز أنها احتملت ذلك التحميص الشديد الذي